أوصلت مناورة «رعد الشمال» رسالة القوة والعزيمة والحزم والحسم واجتثاث البؤر النتنة التي عاثت في المنطقة العربية فساداً وقتلاً وتخريباً وفوضى؛ أطلقها الرعد مكشوفة إلى إيران وأذنابها ووكلائها وصنائعها من «داعش» إلى «الحشد الشعبي» إلى «حزب الله» إلى نظام بشار إلى النظام العراقي الحاكم في بغداد الذي يرعى ما يُسمى بالحشد الشعبي ويفتك ويعذب ويدمر ويشرد القبائل العربية السنية؛ بحجة مقاومة داعش الذي هو الآخر ليس إلا صنيعة إيرانية لتدمير العراقوسوريا ولبنان والبلدان العربية والإسلامية كلها. تهدف إيران بتكوينها المليشيات المسلحة كحزب الله اللبناني وما يماثله أو يقترب منه في هيكله التنظيمي في العراق واليمن، وما يؤدي الغرض نفسه لكن بأدوات أخرى مختلفة وبخطاب ديني أيدلوجي مغاير كتنظيم «داعش» إلى خلخلة بنية الدول العربية وإدخالها في مرحلة مظلمة قاتمة من الفوضى والخراب بتواطؤ أو دعم أو مشاركة من بعض الدول العالمية التي أسمت المرحلة القاتمة التي أدخلت العرب فيها ب « الفوضى الخلاقة». ولا تختلف المقاييس الفارسية في النظرة إلى الأمة العربية المستهدفة بالفوضى والتدمير والخراب؛ فالأمة العربية عدو للفرس، الشيعة والسنة على السواء، ولا اختلاف في النظرة إلى «العربي» متشيعاً أو سنِّياً، والفارق الوحيد بين الطائفتين أن العربي المتشيع المخدوع طائفياً يستخدم «أداة» مرحلية مؤقتة لتحقيق هدف بعيد وللوصول إلى الغاية الإستراتيجية الفارسية «الحلم الإمبراطوري الساساني»، ثم يقضى عليه كما قضي على العربي السني قبله! ولذلك تعمد إيران إلى تدمير الدول العربية التي احتلتها؛ على الرغم من كونها خاضعة لهيمنتها كسورياوالعراق واليمن، متذرعة بحجج مختلفة كمقاومة داعش أو الجماعات الإرهابية الأخرى، بينما هي التي صنعت داعش لخلق هذه الفوضى التي قادت بالتالي إلى تكوين جماعات أخرى مناهضة لداعش. ولو تأملنا في داعش العراقي وداعش السوري على اختلافهما؛ لتبين لنا الهدف الإيراني المدعوم من بعض الدول العالمية؛ فداعش العراقي يدمر العراق، والحشد الشعبي الإيراني والجيش العراقي يلاحقان داعش، والمحصلة في النهاية أن تكون الأرض محروقة مدمرة ومن يقطنها من العرب السنة إما معذبون ومقتولون أو مهجرون هائمون على وجوههم أو ينامون في العراء على أبواب أسوار بغداد يطلبون معرفاً ليدخلوا إلى عاصمة الرشيد مذلولين تحت الرقابة والخوف من الانتقام من المليشيات الفارسية المتطرفة المسماة بالحشد الشعبي، وداعش السوري لا يحارب النظام؛ بل يحارب مع النظام البعثي كل الجماعات الثائرة عليه مهما كانت متطرفة دينياً تشترك معه في عقيدة «التكفير» كجماعة «النصرة» القاعدية، أو إسلامية معتدلة كالجبهة الإسلامية، أو وطنية كالجيش الحر، لا فرق بين أكثر من مائة وخمسين تنظيماً يقاتل نظام بشار، فكلهم أعداء لداعش الذي يهدف إلى تصفيتهم جميعاً ثم يوجه حرابه إلى نظام بشار لإسقاطه كما يزعم! والهدف النهائي من هذا التخطيط الاستخباراتي تدمير سورياوالعراق واليمن وقتل وتهجير مئات الألوف إن لم يكن الملايين من العراقيين والسوريين واليمنيين وتدمير هذه البلدان العربية وإرجاعها إلى العصور الحجرية، ولا يمثل النظامان الحاكمان في بغداد أو في دمشق أو عصابة الحوثي في صنعاء إلا أدوات مؤقتة لتنفيذ المشروع الفارسي القائم على غايتين؛ الأولى: تدمير البلدان العربية وإضعافها بالفوضى والاضطراب والخراب والقتل والتهجير، والثانية: الاحتلال الفارسي الكامل للديار العربية، إما مباشرة عن طريق زحف القوات الإيرانية، أو بطريق غير مباشر بواسطة العملاء من الأتباع الطائفيين الذين سيظلون موالي خاضعين للتسلط الفارسي؛ مهما كان مبلغ تشيعهم وإخلاصهم الطائفي، فالفرس لا ينظرون إلى التشيع إلا أنه وسيلة أو غطاء للهيمنة والانتقام من العرب ليس إلا. والدليل الأوضح على أن الفرس يستهدفون المنطقة العربية؛ بل الإسلامية كلها، إذ إن عداءهم ليس مع العرب فحسب؛ بل مع الإسلام الذي حمل إليهم العرب الغزاة - بحسب زعمهم - لإمبراطوريتهم الساسانية التي انهدت عام 15ه في معركة القادسية؛ أنهم يصدرون «داعش» إلى سيناء وليبيا لمحاصرة مصر وإسقاطها، ثم يهدفون من ترحيل «داعش» إلى نشر الفوضى في شمال أفريقيا كتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، ولذلك كونوا جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا ومالي للتمدد في أفريقيا الإسلامية لتدميرها وإرجاعها إلى عصر الغاب. هذا هو المخطط الفارسي في أبشع صوره، يحارب العرب والمسلمين بأدواتهم؛ خلق منهم وفيهم جماعات متطرفة كالقاعدة من قبل، ثم صعد المواجهة ليخلق منها جماعة أكثر شراسة بالأدوات الدينية المحرفة نفسها لتكون راية تستقطب بخطاباتها التكفيرية العدائية للأوطان وللأنظمة وللحضارات وللثقافات الإنسانية كل ذوي النزعات المتطرفة في العالم من أقرب بلدان العرب إلى أقصى دول العالم؛ ليكونوا - وفق الخطة الفارسية القذرة - أدوات هدم للدول العربية والإسلامية، وتكون مهمة «إيران» في تصدير الثورة كما هو المبدأ الأول لفكر الفارسي المجوسي «الخميني»، هو تصدير ثورة الفرس إلى ديار العرب والمسلمين بأيدي أبناء العرب والمسلمين أنفسهم وبخطاباتهم وبأفكارهم وبأيدلوجياتهم التي أنتجوها! وبعد انكشاف هذا المخطط اللئيم وظهور آثاره المدمرة وتمدد خطره رفع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - أيده الله بنصره - راية الحزم، وعقد النية - متكلاً على الله - لمواجهة الخطر الفارسي وما انبثق منه أو يعمل تحت كنفه؛ فشكل التحالف العربي، ثم التحالف العسكري الإسلامي. و»رعد الشمال» ليس إلا صورة عملية مصغرة مبكرة للتحالف العسكري الإسلامي الذي لم يبدأ بعد على المستوى العملي، وإن كان قد بدأ من حيث التشكيل والتنظيم والترتيب ووضع الخطط والأهداف. لقد أوصل «رعد الشمال» الرسالة واضحة لإيران وعملائها ومواليها، ولبعض الدول العالمية التي تطمح إلى الإفادة من الفوضى والحصول على مكاسب كقواعد عسكرية أو منافذ بحرية على المتوسط، ووجه رسالة حازمة بأن المملكة لن تكون لقمة سهلة، ولن تكتفي بالدفاع؛ بل إن من أهداف «التحالف العسكري الإسلامي» الذهاب عنوة إلى المناطق التي تتشكل فيها الجماعات الإرهابية كداعش والنصرة وغيرهما؛ لاستئصالها والقضاء عليها في أي مكان من العالم. «رعد الشمال» اليوم إعلان وبث رسالة، وغداً تنفيذ وعمل وتحقيق أهداف بعيدة.