مخالفة (بل جريمة) جديدة تمثل خيانة للوطن وللمواطن, جريمة اقترفها عدد من السماسرة السعوديين, والذين رصدتهم السفارة السعودية في نيبال مشكورة, يجمعون العاملات المنزليات بتكلفة تصل إلى (2000) ريال, ويقومون باستقدامها للمواطنين بمبالغ تتجاوز خمسة وعشرين ألفاً (25000) ريال, أي بنسبة ارتفاع تبلغ 1150%, وتتفاقم هذه الجريمة عندما نعلم أن من بين أفراد هذه المجموعة عدد من أعضاء اللجنة الوطنية للاستقدام، وهم ملاك عدد من المكاتب الوطنية للاستقدام, وقد عملت السفارة على إعادتهم للوطن. ممارسات تلك المجموعة تكشف لنا السبب الحقيقي لمعاناة المواطنين من ملف استقدام العمالة المنزلية ليس من دولة نيبال فحسب وإنما من جميع الدول التي نستقدم العمالة منها. نعم, إن معاناتنا كمواطنين ناتجة عن قيام أصحاب مكاتب استقدام وطنية ليسوا أهلاً للثقة لتمثيل المملكة في اللجنة الوطنية للاستقدام في ظل فشل وسلبية غير مبررة لوزارة العمل في إدارة ملف الاستقدام ليس لسنوات فقط وإنما لعقود زمنية, عانى فيها المجتمع السعودي الكثير من المعاناة بسبب الآلية التي تدار بها عملية استقدام العمالة المنزلية. في الوقت الذي لا نجد فيه مثل تلك المعاناة لدى جميع شعوب الدول المحيطة بنا والمستوردة للعمالة المنزلية, فالمواطن السعودي هو الوحيد الذي يتوجب عليه الانتظار لقرابة السنة الكاملة حتى يحصل على سائق أو خادمة منزلية, والمواطن السعودي هو الوحيد الذي يتوجب عليه دفع أضعاف ما يدفعه المواطن في غالبية دول العالم عند استقدام العمالة المنزلية, والمواطن السعودي الوحيد الذي يقع فريسة لتلاعب وخداع الكثير من مكاتب الاستقدام ولسنوات طويلة دون تحريك ساكن من وزارة العمل على الرغم من تعدد الوزراء الذين تولوا قيادتها. السؤال المطروح هنا: أين وزارة العمل؟ وأين مكتب العمل؟ وأين الجهات الرقابية المعنية بمكافحة الفساد عن انتشار مثل تلك المخالفات والجشع الذي يرتكبه الكثير من السماسرة ومكاتب الاستقدام ويقع ضحيته العامل وصاحب العمل على حد سواء؟. ثم كيف يسمح لمثل هؤلاء الأشخاص بتمثيل الوطن في مثل تلك اللجان الوطنية؟!. سبق أن كتبت من خلال هذه الزاوية مقالين: الأول بعنوان: (معاناة الأسرة السعودية مع العاملة المنزلية) بتاريخ 27 /10 /2014م, والمقال الآخر بعنوان: (المتسببون في معاناتنا من العمالة المنزلية وضرورة محاسبتهم) بتاريخ 25 /5 /2015م, استعرضت فيهما مختلف أنواع الظلم الذي تعرضت له الكثير من الأسر السعودية بسبب ممارسات وتجاوزات من قبل بعض سماسرة ومكاتب الاستقدام وبعض أعضاء اللجنة الوطنية للاستقدام، في ظل سلبية غير مقبولة من وزارة العمل. واذكر أنه بعد نشر تلك المقالات هاتفني أحد ملاك أكبر شركات الاستقدام، وهو أيضاً من الفاعلين في اللجنة الوطنية للاستقدام، وكان معترضاً على نقدي لمكاتب وشركات الاستقدام واللجنة الوطنية, وهددني بمقاضاتي على ما كتبت, فأكدت له بأن له الحق أن يرد علي في الصحف كما أن باب القضاء مفتوح, وليفعل ما يريد, ولكن لأن بيته من زجاج لم يتجرأ على قذفي بالحجر. إنني أقترح في هذا الخصوص فتح الاستقدام للمواطن بالتعامل مباشرة مع مكاتب الاستقدام الخارجية لمن يرغب دون الرجوع أو التعامل مع مكاتب الاستقدام المحلية لا من قريب ولا من بعيد, ويتحقق ذلك من خلال منح الوكالات من كتابة العدل وتصديقها من مقام وزارة الخارجية وإرسالها لمكتب الاستقدام الخارجي في الدولة المراد الاستقدام منها كما كان معمول به في السابق, وهنا سيكون المردود المادي لوزارة الخارجية من تصديق الوكالات وليس لمكاتب الاستقدام المحلية التي سيطر عليها الجشع وغيرها من شريطية وسماسرة الاستقدام لدينا. كما اقترح منح المواطن التأشيرات للاستقدام عن طريق مكاتب الاستقدام بدول الخليج مباشرة دون وجود وسطاء محليين, وبنفس نظام التوكيل. إن تبني هذه المقترحات سينعكس إيجاباً على المواطنين من خلال منع مكاتب وسماسرة الاستقدام لدينا من الاحتكار ورفع الأسعار, نظراً لتعدد البدائل والخيارات المتاحة للمواطن للمفاضلة بينها، الأمر الذي سيؤدي بتلك المكاتب إلى خفض تكلفة الاستقدام واختصار المدة الزمنية التي تستغرقها من أجل كسب رضى العميل وليس كما هو حاصل الآن. ختاماً, اقترح تدخل الجهات العليا ودراسة مدى جدوى استمرار وزارة العمل في إدارة ملف الاستقدام, والتوجيه بالتحقيق في استمرار الوزارة طوال هذه العقود من الزمن دون إيجاد حلول جذرية لها, فهل جاء الوقت لكي نفكر في إيجاد هيئة عليا تتولى ملف الاستقدام وتدعم من قبل الدولة ويتولاها ويعمل فيها من يهمه مصلحة الوطن والمواطن وليس مصالحه الخاصة؟.