اطلعت على مقال أهم المؤشرات والدلائل لاضطراب التوحد لدى الاطفال ومن قال: إن التوحد «عدو» فقد جانبه الصواب بكل تأكيد لأننا إن أمعنا النظر في التوحد لوجدنا أن الواقع يملي علينا أن نعترف بأن العوائق التي يمثلها التوحد أمام النمو الطبيعي للأطفال المتوحدين هي العدو الحقيقي... التأخر الذي ينشأ من فقدان الاهتمام هو العدو.... المشاكل الحسية التي تنشأ عن المرض هي العدو... لذا لا يجب علينا أن ننظر لمشاكل التوحد على أنها جزء من طبيعة الطفل ولكن يجب أن نعاملها على أنها العوائق التي منعت الطفل من أن يكون طبيعياً. تخيلوا معي عالماً فيه المتوحدون هم الغالبية وما نطلق عليهم أطفالاً طبيعيين هم الأقلية هل كنا لنرضى أن ينظر للشخص الذي يفضل التواجد وسط أصدقاء على أنه متقلب؟؟ هل كنا لنرضى اعتبار المهتمين بالكومبيوتر والعلوم مهووسين؟؟ هل كنا لنرضى أن يصبح الأشخاص غير الاجتماعيين في نظر المجتمع أشخاصاً من مرتبة أدنى أو درجة اقل؟؟ التوحد إذن يضع لزاماً علينا أن نقبل أطفالنا المتوحدين كما هم... أن نحتفي باختلافهم... أن ندافع عن تعددهم... أن ندعمهم و نفخر بنجاحاتهم مهما صغر قدرها. و لكن هذا التفهم لن يتأتى لنا إلا إذا تفهمنا ماهية التوحد. فالتوحد ليس لغزاً... ولا مرضاً... التوحد تحدٍ ولكنه ليس بالتحدي المستحيل... المتوحد ماهو إلا طفل ذو قلب نقي ومرهف الحس يسعى دوماً لإيجاد فرصة في عالم يراه غريباً و محيراً ... المتوحد ماهو إلا طفل ينمو بشكل مختلف بسرعة مختلفة وبقفزات مختلفة عما اعتدناه. وللأسف نمو هذا الطفل و ازدهاره يعتمد فقط على نقاء روحه وموهبته وتقديره الذاتي لنفسه وكل تلك العوامل الهامة لنموه عادة ما تتحطم تحت المحاولات الدائمة من المجتمع لحثه على أن يصبح طفلاً طبيعياً... من الخواص الأساسية للتوحد اضطراب العلاقات الاجتماعية واضطراب القدرة على التواصل بالإضافة إلى بعض الأنماط السلوكية غير الشائعة بين غير المتوحدين. عادة ما يظهر التوحد في الثلاث سنين الأولى من العمر، حيث نجد الطفل: لا يثرثر أو يشير إلى ما حوله أو يقوم بتعبيرات خاصة من تلك المعروفة بين الأطفال من سنه يبلغ من العمر ستة عشر شهراً دون أن يكون قد بدأ في الكلام لا يستطيع تركيب كلمتين عند عمر عامين لا يستجيب إذا ما نودي باسمه يفتقر إلى المهارات اللغوية والاجتماعية يتلافى النظر المباشر إلى العين يبدو عليه افتقاده لمهارة اللهو بالألعاب بالطرق العادية يهتم كثيرا بتصفيف المكعبات واللعب أكثر بها شديد التعلق بلعبة معينة أو شيء بعينه لا يبتسم اجتماعياً وإن ابتسم فعلى فترات تكون الابتسامة ناتجة من حركة أتى بها هو قد يبدو أحياناً معانياً من ضعف بالسمع بينت الإحصاءات أن التوحد يحدث لدى 2 إلى 6 من كل 1000 طفل وهو أربع مرات أكثر شيوعاً في الذكور عن الإناث كما ذكرت الجمعية الأمريكية للتوحد ولا يعتبر العرق مؤثراً، وإن كان التوحد أكثر شيوعا لدى القوقازيين. من بداية حياتهم يبدو على الأطفال أنهم كائنات اجتماعية... إن ذهبت إلى دار من دور الرعاية النهارية (الحضانة) ونظرت إليهم سيبادلونك النظرات... قد يلتفتون إلى صوتك أو يمسكون بإصبعك وقد يبتسمون لك في أغلب الأحيان. ولكنك قد تلاحظ في إحدى الزوايا طفلاً يتحاشى النظر المباشر في العين أو تبدو عليه لا مبالاة تجاه الناس ويفضل بل ويجيد التعامل أكثر مع لعبة ويتفاعل معها بشكل أفضل من التفاعل مع أحد الوجوه. يفضل المتوحدون البقاء وحيدين أكثر من التواجد وسط الآخرين وقد يصل بهم الحد إلى مقاومة الاهتمام ويتجاوبون بفتور وسلبية مع العناق وقد يستطيعون بالكاد التفاعل مع ردود أفعال آبائهم وأمهاتهم بشكل طبيعي. بالرغم من تعلق المتوحدين الشديد بأهلهم إلا أنهم يعبرون عن هذا التعلق بشكل غير تقليدي ولذا يشعر الآباء في كثير من الأحيان بقدر من الإحباط لأنهم قد يشعرون خطأ بعدم تعلق أطفالهم بهم. في حين أن الطفل غير المتوحد ذو الخمسة أعوام يستطيع تفهم أن الآخرين لديهم معلومات مختلفة ومشاعر أخرى وأهداف. يفتقر المتوحد إلى هذه المعرفة ولذا يفتقر المتوحد القدرة ‹لى توقع أو تفهم أفعال من حوله، فتصبح كل المشاعر الرقيقة كالابتسامة أو الغمزة ليست ذات أي معنى لديهم. فعلى سبيل المثال كلمة «تعال إلى هنا» تعني للمتوحد نفس المعنى سواء قيلت بعبوس أو بابتسام ولذا يصبح العالم من حولهم محيراً في غياب القدرة علي فهم التعبيرات ويصبح المتوحد طفلاً غير قادر على رؤية العالم من وجهة نظر الآخرين. بالرغم من أن تعميم تلك القاعدة غير صحيح إلا أنه من الشائع لدى المتوحدين صعوبة التحكم في تدفق عواطفهم وقد تأخذ تلك الظاهرة شكلاً من أشكال السلوك الغير ناضج مثل البكاء بالفصل أو الاضطراب اللفظي الذي قد يبدو غير لائقاً للمحيطين بهم. وقد يصل الأمر بالمتوحد إلى أن يصبح عنيفاً جسدياً أحياناً مما يزيد من صعوباته الاجتماعية تعقيداً. وتتجلى هذه الصعوبة في التحكم بتدفق العاطفة لديه متى ما وجد نفسه في محيط محير أو إذا اصيب بالإحباط أو أصبح غاضباً. وقد ينتج عن تلك النوبات كسر للأشياء من حولهم أو في كثير من الأحيان إصابات بهم لأنهم عادة ما يقرعون رأسهم في الحائط أو يجذبون شعرهم أو يعضون أيديهم. بالرغم من أن مظهر المتوحد يبدو طبيعياً كما تبدو قدرة عضلاته على التحكم جيدة إلا إن ما ياتون به من حركات مكررة تفصلهم عن المجتمع خاصة إذا ما كان هذا السلوك واضحاً جداً ومزعجاً أحياناً. ومن هذه الحركات الشائعة التلويح بالأذرع أو المشي على أطراف الأصابع أو التجمد فجأة والتوقف عن الحركة. كأطفال قد يستغرق المتوحدون أوقاتاً طويلة في تنظيم لعبهم في صفوف بدلاً من اللعب بها وإن تسبب أحد بالصدفة في تغيير هذا النظام يشعر المتوحد بالاستياء، و يرجع ذلك إلى احتياج المتوحدين الدائم للاستقرار وثبات حال الوسط المحيط بهم. لذلك فإن أي تغيير حتى ولو بسيطا في مواعيد الوجبات أو الاستحمام أو حتى تغيير الطريق إلى المدرسة يكون ذو أثر بالغ السلبية عليهم. ببساطة وبالنسبة للمتوحد يمثل هذا الثبات والاستقرار مصدر أمان لطفل يرى العالم من حوله مربكاً. وقد يأخد سلوكهم المتكرر شكلاً من اشكال الإلحاح أو الانشغال. على سبيل المثال قد يظهر المتوحد اهتماماً غير عادي بالمكانس الكهربية أو مواعيد القطارات أو مواعيد إنارة الفنارات وفي الشائع يتركز اهتمامهم على الأرقام والرموز والمواد العلمية.