الساعة الأولى بعد منتصف الغياب.. بوصلة المكان تتجه جنوباً، والروح بوصلة ثابتة، والقلب فراشة منهكة تحتضر على تخوم الحيرة. سمعتها تضحك كبكاء (كمنجة) بكر تعزف للمرة الأولى فتوقظ المسافة بين الوجع النائم والفرح الأخير، ثم دنت مني وهمست لي بأنها ليست في عجلة من قلبها لأن الموت عندما يأتي سيأتي دفعة واحدة يقتلع كل شيء إلا الجذور، ولذلك هي تنمو داخلي ببطء كشجرة (الأنبج) هكذا قالت ثم مضت تصوغها العنادل أغنية حزينة تفوح في غابة الزيتون حلماً رمادي اللون لا يغادر غصنه! ميت ..؟! معاق ..؟! منكسر .؟! لم يولد بعد ..؟! لا أعلم .. لكنه لا يغادر غصنه! هي الحلم وأنت لونها الرمادي يا بني! هكذا أخبرني العرّاف ثم لاذ بالصمت. ولكن ماذا عن الغصن؟ توقف يا بني وعذ بالغياب، واقترب من السماء بعداً، وأنفق محصول صبرك في رحلة الغياب، واخذلها كأمنية لا تتحقق. قلت لك ماذا عن الغصن؟ يا بني في ظل الوجع نبحث عن الوهم الكبير، وبازدياد الوجع نبحث عن الوهم القريب! ماااااذا عن الغصن؟! يا بني إن الفناء يستعمر قلبك، وللنجوم سطوة عليه. فعذ بالغياب يا بني.. أرجوك عذ بالغياب ولا تخش نفاد الوقت، فأحزانك القديمة لم تجف بعد، والنسيان قصة ملفقة، وقدر متأرجح، وتهمة زور، فعذ بالغياب يا بني ..!! يكفي.. فهمت .. أومأت للغياب بصمت، وعذت به سراً، وهمست لها.. استعجلي الرحيل.. واذكريني عند قلبك..!!