عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثٍ : مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» رواه مسلم. والوقف في اللغة: الحبس والمنع (1)، وفي الاصطلاح : تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة (2). وقال ابن قدامة رحمه الله: قال جابر: «لم يكن أحد من أصحاب رسول النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقف» وهذا إجماع منهم، فإن الذي قدر منهم على الوقف وقف، واشتهر ذلك فلم ينكره أحدٌ ؛ فكان ذلك إجماعاً. اه(3). ومن خلال الوثائق القديمة نجد أن حاكم قطر الأول ومؤسسها الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني صاحب أوقاف كثيرة ذات أشكال عديدة. قال حمد الجاسر عن أرومته: هم أبناء معضاد بن ريّس، من قبيلة بني تميم المضرية العدنانية. (4)، «ولد الشيخ قاسم سنة 1242، وكان سلفي المنهج حنبلي المذهب، وقد أوصى أبناءه وأحفاده على التمسك بأصول الدين القويم الذي قامت عليه دعوة الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، والشيخ قاسم كان في زمنه هو الحاكم والقاضي والعالم في قطر، ولخصاله وأخلاقه الحميدة كان يوصف بأنه من خيار العرب، توفي رحمه الله سنة 1331ه. (5)، وقال مؤلف كتاب قلائد النحرين في تاريخ البحرين : ولد هذا الفتى النشيط الأمير قاسم بن محمد بن ثاني، الذي اجتهد في جلب قلوب الرعية واستمالتهم إليه بما يظهر لهم التودد، ويبذله لهم من المعروف، زيادة كونه شجاعاً باسلاً قوي القلب سخي النفس، كبير المطامح، فأحبه الناس ..) (6). تطرق الشيخ فهد بن علي آل ثاني عن علاقة الشيخ قاسم بنجد ؛ فقال: «لقد كان للشيخ قاسم يرحمه الله أوثق وأربط العلاقات والوشائج بالإمام عبدالرحمن الفيصل وابنه الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه، وقد جمع بين المؤسسين الكثير من الصفات والتوجهات، منها التمسك بالعقيدة، وحب العلم ونشره، والحث عليه، تقريب العلماء، وكثيراً ما كان الملك عبدالعزيز يذكره بوالدي قاسم. كما كان له علاقة وثيقة بكبار علماء نجد في مختلف البلدان النجدية، وعلى رأسهم علماء آل الشيخ، وأكبرهم في زمانه العلامة الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ، ومن خلالهم كان له دعم واضح للحركة العلمية في نجد من خلال إرسال الكتب والتبرعات المخصصة لطلبة العلم. وللشيخ قاسم الكثير من أعمال الخير والمبرات كالوقفيات المنتشرة في نجد مثل وقف سلطانة بالرياض، وسعادة بالدلم، وفي حوطة بني تميم، وفي عدد من البلاد النجدية. (7) أوقافه في حريملاء: الداعي لكتابة هذا المقال هو تعريف القارئ بأوقاف الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني في مدينة حريملاء، وأقول : إنني كنت في رحلة قصيرة حول حريملاء مع الشيخ عبدالله الباتلي مؤذن مسجد الجماز بحريملاء وكنا نتجول حول الآثار القديمة في حريملاء أسوارها، وأملاكها القديمة. والسوق القديم الذي كانت تُجمع في الجباية على وقت الإمام فيصل بن تركي والملك عبدالعزيز وأشار إلى موقعه، ومن ضمن ما أشار إليه النخل المسمى بالصقيهي، وذكر ذلك الأستاذ إبراهيم بن عبدالعزيز السليم في كتابه (التعليم في حريملاء قديماً وحديثاً) (8). وهذا ما ذكره الصك الشرعي رقم رقم (76) وتاريخ 30 - 12 - 1407ه الصادر من محكمة حريملاء، أن عبدالله بن محمد بن مشعل باع غرسه المعروف المسمى بالصقيه شرقي بلد حريملاء على, حسن بن عبدالله العمراني حال كونه وكيلاً للشيخ عبدالله بن عبداللطيف حال كونه وكيلاً للشيخ قاسم بن محمد بن ثاني. وبموجب الصك نفسه باع ناصر بن عبدالله العمراني نخله المعروف بالجزيع في بلد حريملاء على, الشيخ عبدالله بن عبداللطيف. أوقافه على المساجد الستة: ذكرت الوثيقة أن ريع سبل قاسم على المساجد الستة خُمس بينهم على السواء لهم والمؤذنين للامام ثلثين والمؤذن ثلث وخُمس مفرق على طلبة العلم المحتاج في حريملاء والبقية بعد أجرة الوكيل على الفقراء يُفرّق على نظر الوكيل على قدر حاجته وصلى الله على محمد 9/ ذ سنة 1339 ه. وأضاف الشيخ عبدالرحمن الوطبان - الموظف بمكتب أوقاف حريملاء - أن المساجد الستة هي : مسجد باب الحسيان، ومسجد الحنيني، ومسجد قرّاشة، ومسجد موافق، ومسجد ابن غديّر، ومسجد الجامع. وبعد بيع السبل الموجود في الجزيع للمصلحة تم استبداله بمبنيين اثنين؛ حيث أضاف مدير مكتبة حريملاء العامة الأستاذ سليمان بن عبدالله الشبيب أن وزارة الثقافة والإعلام استأجرت مبنى وقف آل ثاني في حريملاء ليكون مقرّاً لمكتبتها العامة ويصرف ريع هذا الوقف باسم قاضي حريملاء بحكم أنه المسؤول عن الوقف، وناظره الأستاذ إبراهيم الشريدي، إضافةً إلى مبنى فرع شركة الاتصالات سابقاً. المراجع: 1 - انظر لسان العرب (9 /359-360). 2- المغني؛ لابن قدامة (8 /184). 3 - المغني (6 /4)، وأثر جابر رضي الله عنه، رواه الخصاف في أحكام الأوقاف (ص:6)، وسنده واه ؛ فيه الواقدي. 4 - جمهرة الأسر المتحضرة في نجد، منشورات دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر، الرياض، الطبعة الثانية، 1409ه، 1 /80. 5 - من أعلام الخليج العربي الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني مؤسس دولة قطر وعلاقته بنجد، بقلم : فهد بن علي آل ثاني، جريدة الرياض، يوم الجمعة 28 ربيع الآخر 1430ه - 24 ابريل 2009م - العدد 14914 6 - قلائد النحرين في تاريخ البحرين، ناصر بن مبارك بن جوهر الخيري. ص 174 و ص 345. 7 - من أعلام الخليج العربي الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني مؤسس دولة قطر وعلاقته بنجد، بقلم : فهد بن علي آل ثاني، جريدة الرياض، يوم الجمعة 28 ربيع الآخر 1430ه - 24 أبريل 2009م - العدد 14914 8 - السليم، إبراهيم، التعليم في حريملاء قديماً وحديثاً، صفحة 33، طبع عام 1411ه. 9 - مشافهة عدد من أهالي حريملاء.