أولاً، لا شك أن الجميع يتفق معي على أن فريق النصر السعودي هذا الموسم ليس بالنصر الذي حقق بطولة الدوري للموسمين الماضيين، وكأس ولي العهد للموسم قبل الماضي، على الرغم من الجهود المقدَّرة التي بذلها الأمير فيصل بن تركي ولا يزال، وهذا لا يعفي إدارته من تحمّل جانب كبير من مسؤولية تدني مستوى الفريق والإحباط الذي يعيشه جمهور الشمس. الفريق يعاني في كل الخطوط، بعضها لعدم وجود العناصر المؤثِّرة، والبعض لسوء التخطيط، والتشكيلة الخاطئة التي يظهر بها في كثير من اللقاءات، فالفريق يحتاج إلى أظهرة متميزة لكي يجاري الفرق المنافسة، وكذلك يحتاج إلى مدافع بمستوى عمر هوساوي، وقد أظهرت لقاءات الدور الأول لدوري عبد اللطيف جميل للمحترفين أن النصر لديه مشكلة واضحة في طريقة اللعب والتموين، بالإضافة إلى الخلل البائن في التشكيلة الذي أثَّر بشكل مباشر في النتائج، وفي تقديري لا بد من وجود رأس حربة صريح وثابت بدل التقلبات والتبديلات الكثيرة، والتجارب وعدم الاستقرار في خط الهجوم، والشيء الطبيعي أن يكون محمد السهلاوي رأس حربة يموّنه ثلاثة لاعبين، حسن الراهب كأفضل من يضغط على الدفاع، ويحيى الشهرى للسرعة والمراوغة والصناعة، وأدريان وهو مفتاح اللعب الوحيد في النصر لصناعة الفرص والتسجيل، وكمركز للهجوم الوهمي، وقد كان فابيان يصنع الفارق، ويوجد الحلول عن طريق العرضيات، ويسجّل من خارج دائرة ال18 ، وحالياً يستطيع أحمد الفريدي أن يشكل أهمية كبيرة في التكتيك الهجومي الفاعل، ويصنع الفارق أيضاً. هذه الخطة يمكن أن تتحول إلى طريقة WM وهي طريقة 3-2-2-3 ( الهرم المقلوب) الطريقة النمساوية الكلاسيكية التي استمر عليها آرسنال وطورها وحقق بها إنجازات خرافية، وتغيير الطريقة بهذا المستوى أو بمستوى أفضل ربما يصنع نصراً جديداً تتغير معه النتائج والنفسيات، وتتجدد معه آمال وتطلعات الجمهور المحبط - حتى الآن. من يقرأ خارطة لاعبي النصر وفكر النصر في التعاقدات لا يرى نظرة مستقبلية، بل على العكس من ذلك يرى إعداداً عشوائياً وتعاقدات ارتجالية، وما يزيد الطين بلة أن بعض نجوم النصر الذين حققوا البطولتين قد تراخوا وظنوا أنهم حققوا المطلوب، وفي الواقع أن المطلوب هو تطوير المستوى والمحافظة على المنجزات، فمثلاً هل استنفد كل من خالد الغامدي وشايع شراحيلي ما لديهم من عطاء، وهل اكتفى يحيى الشهري بالجري داخل الميدان في الاتجاهات الأربعة دون تحقيق عائد ملموس؟ نعم الشهري جريء وسريع ولاعب مهاري لكنه لا يستفيد من مهاراته، فدائماً يأخذ الكرة ويتجه بها يميناً أو يساراً حتى يتم قطعها، ومن ثم يبدأ الركض من جديد، والمفروض بهذه الإمكانيات أن يتجه بالكرة في اتجاه عمودي لخلق المساحات وتهديد مرمى الخصم بالكرات القوية من خارج منطقة الجزاء، وكذلك طريقة بناء الهجمة من الخلف لدى النصر سيئة ومكررة ومكشوفة. وهنا تحضرني مقولة الفيلسوف العبقري الداهية مارسيلو بيلسا الشهيرة، إذ يقول: «عندما لا تستطيع تسجيل الأهداف عليك أن تنظر إلى الخلف لأنك لم تبن الهجمة بشكل سليم». الخطوة التي لم يقدم عليها النصر بعد فك الارتباط مع المدرب خورخي داسيلفا في نظر كثير من المراقبين فضلاً على الحادبين على مصلحة النصر هي خطوة التعاقد مع مدرب وطني، الجوهر مثلاً، أو القروني، أو علي كميخ أو غيرهم، فأي منهم يمكن أن يكون قارئاً حصيفاً لحالة النصر، ومدركاً جيداً لكافة منعطفات الفريق، ومنحنى مستوياته، ولن يعجزه وضع الحلول المناسبة دون تخبط أو اجتهادات عشوائية، فالمدرب دائماً هو المحك والحل الأمثل خاصة في حالة انخفاض المستوى، وكانافارو مع احترامنا لخبرته كلاعب دولي شهير ومتميز لكنه يفتقد الخبرة الكافية التي يحتاجها مدرب لفريق بحجم فريق النصر السعودي. نأمل أن نرى نصراً حقيقياً بعد فترة التوقف، ونأمل أن تستأنس إدارة النصر وجهازه الفني بهذه المرئيات المتواضعة لعلها تلفت انتباههم إلى بعض الحلول، أو تذكّرهم ببعض الحقائق المفيدة، ويا حبذا لو واصلت إدارة النصر محاولاتها واجتهدت لضم اللاعب عبد الرحمن العبيد الظهير الأيسر لنادي القادسية وبأي ثمن كلاعب مستقبلي للنصر، يمكنه أن يعوّض الفريق عن التعاقدات المضروبة سواء المحلية أو الأجنبية.