ما حدث مؤخرًا من قطع العلاقات مع إيران كان طبيعياً، ليس فقط بسبب التهجم على السفارة في طهران، والقنصلية في مشهد، وإحراقهما علنًا أمام العالم، وبشكل سافر يتحدى القوانين الدولية، مع فداحة هذا الفعل البربري، وإنما أيضًا بسبب تدخلات إيران المؤذية في الدول العربية، فهي من يقوض أي حل في سوريا، بقطع الطريق على أي تسوية لا تضمن بقاء الأسد في الحكم، برغم جرائم الحرب، وقتل وتشريد الشعب السوري، وهي من يدعم الحوثيين علناً، في انقلابهم على الشرعية، وفي تقويض المبادرة الخليجية التي كانت تمثل مدخلا لحل الأزمة في اليمن، وهي من تعبث في العراق، وتتدخل بالقرارات الحكومية، وتقوم بتسليح الميليشيات الطائفية لتقويض سلطة الدولة، وقبل كل ذلك هي من تعطل العملية الدستورية في لبنان، وإفشال انتخاب أي رئيس للجمهورية اللبنانية لا يرضى عنه «حزب الله» الذي يعمل ويتحرك بتوجيه طهران، كما يفعل الآن في مضايا السورية من حصار، وقطع المعونات، حتى وصل الموت جوعًا بالمئات، في مشاهد تدمي القلب، ولا تزيد عن أن تشكل وصمة عار في جبين الإنسانية! هذا الشعب الكريم، العزيز، الشعب العربي المضياف، بات يأكل أوراق الشجر، وبقايا الحيوانات النافقة، والنفايات، في مضايا على الحدود اللبنانية، والزبداني، ومعظم ريف دمشق، المناطق الوارفة، التي كانت جنة الله على الأرض، حتى تحولت إلى جحيم من الجوع والحرب والبرد والموت، بسبب جريمة يقودها ذراع إيران العسكري في المنطقة، حزب الله، ونظام الأسد الدكتاتوري، تمثلت في فرض حصار محكم ستة أشهر متواصلة، حرمها من الغذاء والدواء، حتى انتشرت في الصحافة صور مجاعة مهلكة، في ظل صمت المجتمع الدولي، وتخاذله على جميع مستوياته! في المقابل، وحينما انتفضت بلادنا، ضد أفعال إيران البربرية، من حرق السفارة والقنصلية، وقطعت العلاقات فوراً معها، وتبعتها في ذلك دول عربية أخرى، تراوحت ردود أفعالها بين قطع العلاقات الدبلوماسية، وسحب السفراء، أو استدعائهم، وحظر السفر إلى إيران، وتنديد وخلافه، مما كشف أن المملكة تقود المواجهة في صراع عربي فارسي في المنطقة، ومن المتوقع أيضًا أن تصدر الجامعة العربية غدًا في اجتماع وزراء الخارجية الاستثنائي الطارئ، إدانة انتهاكات إيران للمواثيق الدولية باعتدائها على السفارة السعودية، وهذا أمر طبيعي وعادي، لكن ما هو منتظر هو أن تعمل الدول العربية على إدانة التدخل السافر لإيران في الشأن الداخلي للدول العربية، وزعزعة استقرار المنطقة، وإبادة الشعوب العربية وتهجيرها، كل ذلك يحتاج إلى العمل الدبلوماسي الجاد، والسعي إلى إصدار قرارات من مجلس الأمن، تدين انتهاكات إيران من جهة، ولا ترفع الحصار الاقتصادي عليها إطلاقا، بل يجب استمراره، لأنها لم تزل تثير الفوضى، وترعى الإرهاب، وتعمل خارج المنظومة الدولية، وتضرب بالأعراف والمواثيق الدولية عرض الحائط! إن ما حدث في العالم خلال الأعوام الأربعة الماضية، من صمت وتآمر غير إنساني على سوريا، الأرض والشعب، وإطلاق يد إيران الفوضوية في المنطقة لتعبث كما تشاء، هو أمر لا أخلاقي، سيدفع المجتمع الدولي ثمنه يومًا ما!