فاجأتني (الجزيرة أونلاين) مساء الاثنين الماضي بخبر حزين وكئيب ومفجع عن رحيل الرجل الإنسان الخلوق المثقف الوديع الهادئ المسالم راشد الفهد الراشد، زميل المهنة والمشوار والمعاناة منذ السبعينات الميلادية من القرن الماضي..!! أقسى ألم يمكن أن يواجهه إنسان هو ذاك، ألم الفراق الأبدي لقريب أو حبيب أو زميل أو رفيق..!! مررت بلحظة وجوم وصدمة وذهول من الخبر الذي كنت اقرأه والذي لم يتجاوز ال3 أسطر على ما أذكر..!! أعرف أن راشد تعب وعانى وتألم كثيراً في آخر حياته من المرض، لكنه كان باسلاً وشجاعاً وهو يواجه شراسة هذا المرض، فيعود من مشفاه في لندن ليباشر عمله في مكتبه ويلتقي معارفه وأصدقاءه وزملاءه بابتسامته ووداعته وطيبته وهدوئه المعهود..!! في اليوم التالي لخبر وفاته أخذت اتصل على رقم جواله، أعرف أنه لن يجيب، لكنني لا أعرف لماذا أردت أن يجيب أحد؟! لكن ليس من مجيب..!! فاتصلت على رقم آخر لأعرف مقر العزاء، فرد عليَّ هذه المرة قصي..!! ذهبت معزياً حيث أقيم سرادق واسع لاستقبال المعزين إلى جوار منزله في (تلال الرياض) بحي (الملقا) بشمال الرياض، وجدت أخويه إبراهيم وعبدالرحمن الفهد الراشد وأبناء الفقيد: غسان، قصي، هيثم وكثيراً من الأمراء ووجوه المجتمع ورجال فكر ومثقفين وزملاء مهنة ومسؤولين. حدثني أخوه عبدالرحمن (أبو مصعب) عن آخر أيام راشد بقوله: شعرت وأحسست قبل أيام من رحيله أنني أفتقد شقيقي راشد الذي أعرفه جيداً، لقد بدأ ينطفئ رويداً رويداً وتغيب عنه الابتسامة وروح النكتة، وأضحى أكثر وجوماً وانطواء لم أعهده من قبل هكذا، عرفت أنه بدأ يودعنا بصمت وحزن داخلي، عليه رحمة الله..!! عُرف عن راشد إخلاصه وتفانيه وكفاءته وثقافته وسعة اطلاعه، تعرفت عليه في بدايات عملي الصحافي عندما التحقت مطلع السبعينات الميلادية بصحيفة (الجزيرة) مخبراً صحافياً، وكان وقتها سكرتيراً للتحرير ومسؤولاً عن الشؤون السياسية، وله زاوية أو عمود يومي على الصفحة الأخيرة اسمه (على موعد) يكتب فيه مقالات سياسية وفكرية ووجدانية وأدبية، ولم يغب قلمه عن كتابتها إلا في أيام سفره وإجازاته..!! كما عُرف (أبوغسان) عليه رحمة الله بنصراويته، أي محبته وعشقه لنادي النصر العاصمي وسط زملاء كثر له في (الجزيرة) كلهم هلاليون بزعامة الهلالي الكبير (المتعصب) عثمان بن موسى العمير، رئيس قسم المحليات والرياضة وقتها..!! وراشد الفهد الراشد اشتهر بولهه ومحبته وعشقه لكل ما هو لبناني فكان -رحمه الله- لا يهنأ له بال وراحة إلا إذا قضى إجازاته بين بيروت والجبل، وكانت تربطه علاقات واسعة بالأدباء والمفكرين والمثقفين والإعلاميين والسياسيين اللبنانيين. ونحن نفتقد الرجل الإنسان الحبيب الوديع راشد الفهد الراشد نسأل الله أن يشمله بواسع رحمته ورضوانه ويلهم أسرته وزوجته وأبناءه وبناته وإخوانه وأخواته ومعارفه ومحبيه وأصدقاءه جميل الصبر والسلوان، فالراحل الكبير ليس فقيدهم لوحدهم ولكنه فقيد الأسرة الصحافية والإعلامية والثقافية والفكرية.. رحمك الله يا راشد، أبشر إن ربك غفور رحيم..!!