تفوقت أرقام الميزانية السعودية للعام المالي المنتهي على كثير من التقديرات التي استبقت أرقام الميزانية، وهو بدوره ما أنعكس على حجم العجز الفعلي للعام المالي المنتهي ليكون كلاهما كحجم إنفاق وحجم أعجز أقل من التقديرات, وأيضاً امتدت المفاجأة لأرقام الموازنة للعام المالي الجديد، فحافظت الدولة على مستويات الإنفاق المتزنة لتقر حكومة المملكة إنفاقات العام المالي الجديد ب 840 مليار ريال أقل ب2.32% عن العام الذي سبقه وامتازت الموازنة للعام المالي الجديد بانتهاج أسلوب تفصيلي أكثر عن السابق، وكذلك فإن إعداد الميزانية أيضاً ارتبط بالأوضاع الاقتصادية السائدة ليوضع ما يمثل 21.7% من الموازنة بنداً يرتبط بالمتغيرات الاقتصادية. للسيطرة والترشيد على إنفاقات الربع الأخير أثره الملموس على أرقام الإنفاقات الحكومية للعام المالي كاملاً بحسب تصريح معالي وزير المالية السعودي. هذا الأثر بعد ترشيد الإنفاق يذكرنا بالسائد من الإجراء لدى الجهات والدوائر الحكومية حيث اعتادت على زيادة المصروفات عند قرب انتهاء السنة المالية حتى لا يبقى فائضاً من ما تم إقراره مسبقاً لأي جهة خوفاً من خفض التخصيص المالي في السنة الجديدة وهو ما اعتادت عليه الجهات الحكومية وجود الفائض المالي، يعني تخفيض المخصص المالي للسنة الجديدة. اليوم والمملكة تدرس التوجه إلى خصخصة أكثر من 140 قطاعاً وتبحث مدى جدوى هذه الخطوة على الجهات الحكومية وخبرتنا السابقة مع قطاعات خصصت كيف تغير حالها من هدر إلى زيادة في الكفاءة التشغيلية وتطوير المنظومة, والاتصالات السعودية مثال للجهات التي لعبت الخصخصة دوراً مهماً فيها من حيث بيئة العمل ومنظومة القطاع، وهناك أمثله أخرى تقف لصف جدوى خصخصة الخدمات. عوداً إلى بند المصروفات الإضافية والذي يحمل الميزانية ثقلاً نهاية كل سنة مالية وسببه قلق الجهات عند توفر فوائض مالية من عدم حصولهم على القيمة المطلوبة تخصيصها ما يقود بعض الجهات إلى تعاقدات ومصروفات ثانوية وأيضاً فرض عمل إضافي لاستهلاك البنود المالية, اليوم ونحن في مرحلة تحديث الأنظمة والمتابعة والرقابة أصبح من الضروري وقف هذا السلوك واستبداله بالمكافأة والتشجيع، ففرض مكافأة مالية للقائمين على الجهات الحكومية بمثابة مكافأة على ترشيد الإنفاق بحد ذاته سلوك محفز يدفع بصناع القرار في الجهات الحكومية إلى التحفظ في الإنفاق خصوصاً أن هذا الاقتصاد في النفقات سينعكس إيجاباً على موظفي الجهات الحكومية كما يحدث في القطاعات العسكرية وحصولهم على نوط الاقتصاد، وهي بمثابة المكافآت على توفير وترشيد الإنفاق يحتاج القطاع العام لمكافآت تحفزهم ترشيد الإنفاقات بدلاً من استعجال العقود.