طالعتنا صحيفة الحياة يوم الأربعاء 2 ديسمبر الماضي بتقرير، يتحدث عن مطالبات لأعضاء مجلس الشورى الموقر تحت عنوان «الشفافية غائبة عن بلايين السوق المالية». وبالرغم من احترامنا وتقديرنا لجميع أعضاء المجلس إلا أننا عندما ندقق في مطالباتهم سنجد - مع الأسف - أنها مطالبات غير مدروسة، وفي حقيقة الأمر أقرب إلى العشوائية؛ ولذلك أخشى ما أخشاه أن تكون هذه المطالبات هي فقط للانتقاد دون الرغبة الجادة في تطوير السوق المالية السعودية بالشكل المطلوب. فعلى سبيل المثال، ذكر التقرير أن هناك مطالبات من الأعضاء برفع مستوى الشفافية من خلال الإفصاح عن أكبر 20 مالكاً للشركات المدرجة في السوق المالية السعودية التي تشهد تداولات يومية ببلايين الريالات. وقد يبدو أنها مطالبات صحيحة إلا أنني أرى أن تبني مثل هذه المطالبات سيُنتج تأثيراً سلبياً أكبر من تأثيرها الإيجابي؛ لأنه ببساطة بمجرد الكشف عن أكبر 20 مالكاً في كل شركة مدرجة فإن هذا بالتأكيد سيشجع على المضاربات العشوائية في شركات مملوكة لمضاربين معروفين، بينما كلنا نعلم جيداً أن صغار المستثمرين هم من سيكون ضحية لهذه المضاربات على المدى الطويل! أيضاً، ذكر التقرير أن الأعضاء يرون هناك ضرورة بأن تكون سوق الأسهم السعودية قناة استثمارية، تستوعب السيولة النقدية المتوقعة بعد فرض الرسوم على الأراضي البيضاء عبر طرح الاكتتابات العامة. وهذا غير دقيق؛ لأن رسوم الأراضي البيضاء سيتم إيداعها في حساب لدى مؤسسة النقد لتمويل مشاريع الإسكان، أما سيولة العقار فليس بالضرورة أن تتوجه إلى سوق الأسهم؛ لأنه هو الآخر قد يتأثر سلباً من قرار فرض الرسوم. ولا أدري - حقيقة - كيف تأكدوا من أن سيولة العقار ستتوجه حتماً إلى سوق الأسهم؟ ولا أدري من قال لهم إن سوق الأسهم الآن لا تستطيع استيعاب سيولة العقار؟ وذكر التقرير أن هناك مطالبات بالسماح للشركات المحاسبية الدولية والمحلية بتولي مهمة المراجعة الخارجية على الشركات المدرجة. وحسب علمي، فإن جميع شركات المحاسبة الدولية والمحلية اليوم تتولى فعلاً مهمة المراجعة الخارجية على جميع الشركات المدرجة ما عدا شركة واحدة خالفت الأنظمة فيما يتعلق بإدراج شركة المعجل المتعثرة!! ولا أدري ما هو المقصود من هذه المطالبات الغريبة؟ وأيضاً، ذكر التقرير أن هناك مطالبات بالكشف عن أسباب خسائر 12 شركة!! ولا أعتقد أن هذه من مهام أي سوق مالية حول العالم، ولا أدري ما هو دور المستثمر إذا لم يقم بنفسه بالبحث عن الأسباب واتخاذ قراره الاستثماري شخصياً؟ في الختام، كنتُ أتمنى لو أن هذه المطالبات تم مناقشتها أولاً مع مختصين في المالية والاستثمار قبل طرحها بهذا الشكل في وسائل الإعلام أمام الجميع. وما زلتُ غير مصدق أن هذه كانت مطالبات لأعضاء مجلس الشورى الموقر بهدف تطوير السوق المالية السعودية (الهدف الذي نسعى جميعاً لتحقيقه)؛ لأن ما أراه أنها عكس ذلك تماماً، ويبدو لي - بكل أسف - أنها كانت للانتقاد بدون هدف محدد. وأرجو أن أكون مخطئاً، مع كل احترام لكل عضو من الأعضاء.