منذ بداية القرن الواحد والعشرين نما شعور متعاظم بأهمية الدور الذي تلعبه التقنية الحديثة في التنمية المنشودة في جميع الدول التي تسعى إلى اللحاق بركب التطور الصناعي الذي أخذت بناصيته أمريكا وأوروبا واليابان، الذي - بلا شك - هو تحدٍ كبير أمام الدول النامية للحصول على التقنيات المتقدمة لحساسية وتحفظ بعض الدول المتقدمة على نقل بعض تلك التقنيات وبوجه خاص ما يسمى بالتقنية الخشنة (الآلات والمعدات وقطع الغيار والسلع الوسيطة ومكونات السلع النهائية) (Hardware Technology). وغيرها. وفي الآونة الأخيرة بدأت تبرز أهمية العنصر المكمل (أو المشغل) للتقنية الخشنة والاستثمار فيها بشكل ملموس وهي التقنية الناعمة (البرامج) (Software Technology)، وخير مثال على ذلك التطبيقات التي تحمل من المتاجر الإلكترونية على الأجهزة الكفية والهاتفية الذكية...الخ، التي أصبحت تدر مبالغ طائلة لمنتجيها والمستثمرين فيها. ولكون هذه التقنية تعتمد على القدرة الذهنية للفرد مع تأسيس علمي جيد، فقد استثمرت هذا العنصر بشكل جيد بعض الدول مثل الهند وكوريا الجنوبية وحققت تميزًا في صناعة تلك التقنيات وأصبحت من المنافسين والمؤثرين على المستوى العالمي فيها. وعلى الرغم من أن المملكة تعد من أفضل دول العالم من ناحية الأداء والاستقرار الاقتصادي وتمتلك مزايا نسبية عالية للاستثمار التقني، مع ما تنفقه الدولة من مبالغ طائلة لتوفير التقنيات الحديثة وتبني العديد من المبادرات والخطط والإستراتيجيات لتوطينها، إلا أنها ما تزال تعتمد بصورة شبه كاملة على استيراد التقنية؛ بشقيها الخشن والناعم. وعلى الرغم - أيضًا- من الإيجابيات الاقتصادية في الاستثمار في التقنية، إلا أن هناك إحجامًا واضحًا من القطاع الخاص والمستثمرين في الاستثمار في التقنية في الوقت الحالي بحجة مخاطرها الاستثمارية العالية وقوة المنافسة الدولية وصعوبة توفير الكادر البشري الماهر مقارنة بتوفر الفرص الاستثمارية مضمونة النجاح والربح السريع وقليلة المخاطر كالاستثمار في العقار والاسهم. قياتنا الرشيدة- حفظها الله- وضعت الأطر الرئيسة نحو تحفيز وتنويع الاقتصاد الوطني؛ منها دمج العديد من المجالس وتكوين مجلسين رئيسيين أحدهما مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الذي أصبح محركًا رئيسًا لتنمية اقتصاد البلد ومساهم بقرارات نوعية فاعلة، منها قرارات مجلس الوزراء الموقر باستحداث هيئات كالهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وهيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة، إضافة لذلك عقد اتفاقيات وشراكات مع دول العالم المتقدم آخرها الشراكة الإستراتيجية مع أمريكا، والتوسع في استخدام التقنية، وتوسيع دور الحكومة الإلكترونية؛ ليشمل أغلب الخدمات التي يحتاج إليها القطاع الخاص والأفراد. ومع قرب دخول خطة التنمية العاشرة حيز التنفيذ التي تضمنت أربعة وعشرين هدفًا، تغطي احتياجات التنمية كافة، أرى أن يكون الاستثمار في التقنية الناعمة (Software Technology) أحد أولوياتها من خلال تبني الآليات والسياسات التحفيزية المناسبة لذلك.