صاحب فكرة هذا التكتل هو الرئيس البرازيلي السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا 2003 - 2011م قائد مشروعات النهضة والإصلاح والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر، وخلال ثماني سنوات فقط نقل البرازيل من دولة مديونة إلى دولة تتمتع بفائض مالي كبير يتجاوز 200 مليار دولار، وساعد على إخراج 20 مليون برازيلي من دائرة الفقر إلى العمل والتعليم وتوفير أدنى حد للدخل يمكن أن يوفر مستوى مقبولا للعيش بديلا للتشرد والجوع، ونقل البرازيل إلى مصاف الدول الكبرى في قيادة اقتصاد العالم, بحيث احتلت المرتبة الثامنة، وربما تحقق المرتبة الثالثة في عام 2040م حسب التوقعات الاقتصادية للنمو بما تخزنه البرازيل من ثروات زراعية وبترولية وما تملكه من بنية صناعية متينة، ولعل نشأة لولا دا سيلفا الفقيرة البائسة في شبابه واشتغاله في مهن بسيطة كماسح أحذية وعامل ورشة في ميكانيكا السيارات والتي تسببت ببتر إصبع خنصره نتيجة خطأ مهني سبب في اتجاهه إلى أن ينشط في مجال العدالة الاجتماعية من خلال نقابة العمال وكفاحه الطويل خلال عشرين عاما وفشله مرات عديدة في الانتخابات إلى أن وصل إلى الرئاسة بإصراره على تحقيق مشروعه الإنساني والإصلاحي في بلاده. وإلى جانب رؤيته النهضوية في بلاده لم يغفل عما يحدثه الفارق الكبير بين القوى الدولية المستأثرة بالقرار السياسي والاقتصادي مع تغييب دول وشعوب وثقافات الدول النامية في القارات الآسيوية والأفريقية وأمريكا اللاتينية؛ فدعى إلى تشكيل تكتل يجمع بين أكبر عدد من دول تلك القارات الثلاث التي تجمع بينها سمات مشتركة ومتقاربة في أبعاد إنسانية وحضارية وثقافية واجتماعية، وما مرت به ولا زال يعانيه عدد غير قليل منها من التهميش في اتخاذ وصناعة القرار الدولي والتقدم الاقتصادي والعسكري وغيره. ولهذا اقترح الرئيس لولا تنظيم مؤتمر يضم أطياف دول ما يعرف بالعالم النامي التي تعاني من صعوبات في طريقها إلى تحقيق آمالها في النهوض والإسهام مع العالم في الوصول إلى رؤية مشتركة عن السلام الدولي والعدالة وتوازن التنمية وتحقيق آمال الشعوب المضطهدة في الاستقلال والحرية؛ كالشعب الفلسطيني، ومواجهة المخاطر التي تهدد الإنسان والحضارات كانتشار السلاح النووي وتغيير المناخ. وعقد المؤتمر الأول بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية في برازيليا 2005م, وتم الاتفاق على أن يعقد كل ثلاث سنوات، وعقد المؤتمر الثاني في الدوحة 2009م وكان مقررا أن يعقد الثالت في ليما 2011م ولكن ثورات ما سمي بالربيع العربي تسببت في تأجيله إلى 2012م، وينعقد الآن المؤتمر الرابع في الرياض بحضور 22 دولة عربية و12 دولة من أمريكا اللاتينية؛ هي: الأرجنتين، بوليفيا، البرازيل، شيلي، كولومبيا، الإكوادور، جويانا، بارجواي، بيرو، سورينام، أورجواي، فنزويلا. وبعد هذه المقدمة المعلوماتية التي لابد منها وإن طالت؛ قد يتساءل من يتابع جلسات المؤتمر عما يمكن أن يسفر عنه من قرارات قابلة للتطبيق على مستوى تشكيل تكتل يواجه هيمنة الدول الكبرى على صناعة القرار في الأممالمتحدة، وعلى المستوى المحلي البيني للدول 34 الأعضاء في التكتل ؟! والجواب بإيجاز تفرضه مساحة هذه الزاوية: ألا مستحيل أبدا أمام من يفكر بروية واتزان وموضوعية وينظر إلى التوازنات والمصالح الدولية وصراع أقطابها وتنافسها على المقدمة في أن يجد له مكانا متميزا بعد تخطيط متزن وعمل دؤوب في أن يجد له مكانا مرموقا بينها في الصف الأول، ولا مستحيل أيضا في بناء منظومة من أسس العمل المشترك والتعاون في المجالات الاقتصادية والصناعية والعسكرية والاجتماعية والثقافية والسياحية بين الدول الأعضاء في التكتل؛ من أجل التكامل وتبادل الخبرات في كل المجالات المذكورة آنفا. عالم اليوم عالم متوحش يقوده الأقوياء فقط ولا مكان فيه للضعفاء، ولا قوة أبدا مع الفردية والعزلة، لا قوة إلا بالمجموعات والصداقات والمحاور التي تقف أمام استبداد ونفوذ الدول الكبرى.