تابعت ما نشرته صحيفة الجزيرة عن افتتاح معالي وزير التعليم، الدكتور عزام الدخيل، لمؤتمر القضاء والتحكيم الدولي، وسرني ما حصل وتعليقا عليه أقول: يختلف التحكيم عن القضاء، ويحققان وصول الحقوق لأصحابها، والفرق بينهما، ما يكون عن طريق القضاء راجع لتقدير القاضي واجتهاده، والتحكيم يتم برضى الأطراف وتفاهمهم. لدينا التحكيم الأسري وهناك التحكيم الجنائي والتجاري وغيرها. رئيس لجنة التحكيم السعودي الأمير بندر بن سلمان شارك في المؤتمر، وعرض تجربة المملكة العربية السعودية، في التحكيم الجنائي، ونجاح السعودية في التحكيم، وعن عجز الدول فيما قطعته السعودية في التحكيم، كما أشار لجواز التحكيم في الشريعة الاسلامية. تم إنهاء العديد من المساهمات العقارية، عن طريق لجنة، برئاسة وزير التجارة، وتعد من التحكيم العقاري، ولكن لم يطلق على انهاء مشاكل المساهمات بالتحكيم العقاري، إذ لم يثبت عمل المحكمين مع لجان المساهمات المتعثرة. لماذا لا نسمي ما يتم علاجه من القضايا خارج مؤسسات القضاء بالتحكيم، أيا كانت الاحكام، مع تحديد عمل اللجان بأنه تحكيم وليس قضاء، وبما يتوافق مع التحكيم؟ هنا أقول: متى نسمع عن التحكيم الوظيفي، وتحكيم حقوق المعلمين والمعلمات بالذات، باعتبار القضايا تشغل المعلمين عن ميدانهم ومهامهم الوظيفية؟ يعمل في الإدارات القانونية في الجهات الحكومية غير المتخصصين، ونمطية عملهم لا تخرج عن مراسلات بين الإدارات القانونية وما يراه الموظف المختص بشأن ما، وفي الغالب لا يكون للقانونية أي دور في التصحيح، ولا في حجج الجهات، فما يكتبه موظف شؤون الموظفين ينسخه ممثل الإدارة القانونية، بلا أدنى رؤية قانونية. سلبية الإدارات القانونية في الجهات الحكومية، بسبب عمل غير المتخصصين في المحاماة. ويتجلى الضعف في المتابعة، فلا تجد تراجعا لأي إدارة قانونية، في الجهات الحكومية، ويصدق ذلك كثرة الأحكام التي تصدر ضد الإدارات الحكومية، ولو كان هناك قوة في الإدارات القانونية لما وجدت كثرة الأحكام ضد الإدارات الحكومية. قبل أكثر من عام، كتبت عن ضرورة التحكيم الوظيفي، ومشروعي هذا يتطلب تفريغ قضاة من ديوان المظالم لمراجعة ضعف الإدارات القانونية في الجهات الحكومية، والتخلص من السلبية، في آداء الحقوق لأهلها، فمشاوير المظالم طويلة، ولا تتوفر المحاكم في كل محافظة وقرية. وزير التعليم عزام الدخيل حدد مستشارا له، كمسؤول عن حقوق المعلمين، ودوره الوصول للحقوق، وتحقيق المطالب، وهذه لم تحدث من قبل، ولم أسمع بها، في أي وزارة. لا يوجد وزارة تدافع عن الموظفين، فالمعلم يجرح ويهان، ولا تترافع عنه وزارة التعليم، ولا تتابع المحاكم لأخذ حقه الشرعي ولا النظامي، بل إن تظلم ضدها، لم تقف معه، إنما تقف ضده. هذه الحالات تتعارض مع وجود مستشاروزير التعليم لحقوق المعلمين، وكما قال اكثر من وزير نحن من نحامي عن المعلم، ولكن الواقع خلاف ذلك. يعد وزير التعليم عزام الدخيل، أول وزير يضع لبنة تكوين التحكيم الوظيفي. فكر الوزير عزام الدخيل مقدر، فهو يبحث عن فض النزاع بين المعلمين ووزارة التعليم، بتعيين واختيار الدكتور عبد العزيز النملة، لتولي ملف حقوق المعلمين، كما وضع الموازنة لاختيار مستشار آخر، لتولي ملف واجبات المعلمين، بل شكل العديد من اللجان، للبحث عن أي حق للمعلمين، في النقل وغيره. فقر الإدارات القانونية في الجهات الحكومية، يتطلب اعتبار كل وظيفة محامي أو ممثل للجهة شاغرة، إذا كان من يعمل فيها غير متخصص، وبالذات بعد توسع الجامعات في تخريج طلاب من كليات الأنظمة والقانون. وفقر الإدارات القانونية، سبب تراكم القضايا، والصحيح هو العودة للقانون والنظام، قبل الدخول في أي قضية، حتى تتمكن الجهات الحكومية من تصحيح المسار، والتخلص من تكرار نفس القضايا. لوزارة الخدمة المدنية محاولة، لحل المطالبات قبل وصولها للمحاكم، ولكن لا تتم بأسلوب التحكيم، وتتبع الحجج والبراهين. مجلس الخدمة المدنية حكم بعدم استحقاق المعلم لمكافأة نهاية الخدمة، بمبرر غير صحيح، وتحكيم هذا ضرورة، لنرى الصادق فيما يدعي، فضلا عن حق المعلم في رفض هذا الحكم، لدى ديوان المظالم، وواجب وزارة التعليم الدفاع عن المعلم، فالمزايا الوظيفية لدى عضو التدريس في الجامعة وليست لدى المعلمين. ديوان المظالم عين لأي وزير ضد وزارته، لوتعرف على القضايا التي تخسرها وزارته، لصالح الموظفين. نقل المعلمين التأديبي والذي ألغي العمل به، بأمر من وزير التعليم، صدر ضده عدد من الأحكام، سابقا، فهو غير نظامي والقضاء الإداري بلا شك، سيحكم ببطلان كل قرار يتم بسببه النقل التأديبي، فلا حاجة للعمل بنظام يخالف النظام، فشكرا لعزام الدخيل. وزير التعليم يدرك ذلك، ويعمل جادا، للتوصل لحقوق المعلمين، وحمايتهم من الأخطاء النظامية. تراجع قضايا النقل التأديبي في وزارة التعليم، بفضل الله ثم فضل معالي الوزير الدكتور عزام الدخيل. صدر بشأن حقوق المعلمين توجيهات ملكية عام 1422 وعام 1429 ولم تعرض على محكمين، ولم يكن المتضرر طرفا، للتراضي، وفي كل مرة لا يتم رضى المعلمين، والآن لن يحل القضايا سوى التحكيم، ومستشار حقوق المعلمين لو تفرغ، وتواصل بشكل دائم مع المعلمين، لتم التحكيم، وهو خير من يمثلهم. وبحول الله ننتظر من معاليه التحكيم الوظيفي، وتحكيم كافة حقوق المعلمين، وتجاوز الفروقات، لمنح المعلمين درجاتهم بعدد سنوات خدمتهم.