بعد تسع وعشرين جلسة غير مكتملة لانتخاب رئيس للجمهورية، يرى عضو الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية أدي أبي اللمع أن ذلك يحصل بفعل سيطرة إيران على قرار حزب الله في لبنان. يؤكد في حديث ل«الجزيرة» إن حزب الله ومن ورائه إيران، لا يريدان رئيساً للجمهورية لا يوافق مصالحهما. يرى أن إيران مأزومة في اليمن وسورياوالعراق حتى، وإن خسارتها في اليمن تعني عودتها «الى حجمها الطبيعي» وأن هذا الأمر يكون إشارة لها إلى انها لن تستطيع السيطرة على المنطقة العربية بالسهولة التي كانت تتوقعها. وعن التدخل العربي بقيادة السعودية في اليمن، يرى ابي اللمع أنه «طبيعي جداً» فهذا التدخل هو في الجزيرة العربية الملاصقة لحدود المملكة، وهي تدخلت لمساعدة وطن عربي شقيق. وفي ما يلي نص اللقاء. * بداية، تم تأجيل الجلسة التاسعة والعشرين لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية في 30 أيلول - سبتمبر. ما هو تعليقك على هذا الامر؟ - من الواضح أن هناك طرفاً في لبنان لا يريد رئيساً للجمهورية. وهذا الطرف يأتمر من الخارج. وهو ليس قادراً على أن يأتي برئيس مؤيد له، وبالتالي لا يريد رئيساً وسطياً ولا من الطرف الآخر. هذا الطرف يقول إن الرئيس الوسطي سوف يتحول حكماً مع الوقت إلى أن يصبح «رئيساً» ومعناه أن يدافع عن مؤسسات الدولة ولن يقبل أن يكون هناك سلاح خارج الدولة او سلطة داخل السلطة. من هنا، لكي يمارس الرئيس واجبه السيادي، عليه أن يعود في النهاية إلى أن يكون رئيساً للبنان، للجمهورية اللبنانية، وهذا ما حصل مع الرئيس ميشال سليمان الذي كان رئيساً توافقياً فأصبح رئيساً سيادياً. وبما أن هذا الطرف مشغول اليوم في القتال في سوريا، وإيران مأزومة في عدة أمكنة، في اليمن وسوريا وحتى العراق، بالتالي لا يريد هذا الطرف أن يأتي برئيس «يوجع لهم رأسهم» فيفضلون ألا يكون هناك رئيس في لبنان وهذا أفضل لهم برأيهم. * عندما تتحدث عن هذا «الطرف» تقصد حزب الله. ولكن أليس نواب تكتل عون معنيين بهذا الانتخاب؟ وأنتم، كقوات لبنانية، وقعتم «إعلان نوايا» مع التيار الوطني الحر. هل تتجنبون الحديث عن عون، بسبب إعلان النوايا؟ - نحن نعتبر أن المسؤولية تقع على إيران، ونعود إلى الأصل وثم المعطل الاساسي في لبنان هو تأثير إيران المتمثل بحضور حزب الله. * وأين تقع المسؤولية على العماد ميشال عون ونوابه؟ - العماد عون يعتبر نفسه مرشحاً للرئاسة، ولكن هل هو فعلاً المعطل الفعلي والحقيقي لرئاسة الجمهورية؟ لا نظن ذلك، لأن حزب الله يتلطى خلف عون في هذا الموضوع، ولكن المسؤولية تقع على حزب الله بشكل واضح. * أين يمكن أن يلعب العماد عون دوراً، بعد إعلان النوايا معكم، بتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية؟ - نحن نعتبر أن العلاقة مع التيار الوطني الحر هي علاقة أدت إلى تحسين الجو على الأقل بين الناس والسياسيين على الصعيد المسيحي والوطني عموماً. إراحة الأجواء أدت إلى تنظيم الاختلافات بين القوات اللبنانية وبين التيار الوطني الحر. وهذا يبقى في اطاره السياسي المحدود وما عدنا نرى تهجمات متبادلة، وما عدنا نرى توتراً مثل الذي كان يسود التخاطب السياسي بيننا. الآن ارتاحت الأمور على هذا المستوى وتم تنظيم الاختلاف واتفقنا أنه اذا اختلفنا نختلف في السياسة ولا نتراشق قانونياً أو إعلامياً. * من خلال هذا التفاهم، هل أثّرتم على التيار أم تأثرتم بهم، أو لم يتأثر أي طرف بالآخر؟ - لم يتأثر أحد. نحن وقعنا ورقة نوايا واتفقنا على عدة مواضيع. منها موضوع قانون الانتخابات النيابية في لبنان ومنها موضوع تجنيس المغتربين وغيرها من المواضيع الذي وُجدت قواسم مشتركة بيننا في مقاربتها، ولكن لا احد ذهب عند الآخر وكل طرف حافظ على هويته السياسية وبقي الاصطفاف السياسي حيث هو. نحن بقينا في 14 آذار والعماد عون ما زال حليفاً لحزب الله. * في الحديث عن التطورات الأخيرة في لبنان. ما رأي القوات اللبنانية التي لا تشارك في الحكومة، بالتحرك المدني في الشارع؟ - في الأساس اعتبرت القوات اللبنانية أن الحكومة الحالية عند تأليفها، سوف تكون صورة عن الحكومات السابقة التي لم تحقق إنجازات، بحكم الخلاف السياسي العمودي الحاد الموجود مع الفريق الآخر. وثم كنا نرى انه اذا وجدت حكومة ولم تقم بإنجازات سوف يؤدي الامر إلى ما وصلت اليه الامور اليوم. نحن كنا نرى ذلك، فطالبنا بتأليف حكومة تكنوقراط، لأنه كان هناك استحالة لتأليف حكومة سياسية من لون واحد، فطلبنا الذهاب إلى تحييد الحكومة من التجاذبات السياسية، وتخصصها في عملها الوزاري البحت. لم يحصل الأمر ففضلنا عدم المشاركة في الحكومة. والحراك المدني ظهر نتيجة عجز الحكومة والتمديد لمجلس النواب. الحراك المدني يشكل ضغطاً باتجاه التعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا ما وضعوه على خارطة طريقهم في البداية، وإن كنا نسمع أصواتاً من بعضهم تنادي بانتخابات نيابية قبل الرئاسية، ولكن هذه الأصوات هي أقلية في الحراك المدني. هم ينادون بتغيير السلطة واقترحنا على الحراك أن يكون عنده خارطة طريق تبدأ برئاسة الجمهورية ثم يصار إلى انتخاب مجلس نواب وفق قانون انتخابي جديد، وهذه السلطة الجديدة ستنجز حكومة تستطيع أن تتولى الامور العالقة، التي قام الحراك المدني نتيجتها. * اذاً أنتم راضون عن الحراك المدني عندما يقول: رأس الأولويات هو انتخاب رئيس للجمهورية؟ - نحن راضون عن هذا الأمر في هذا الاتجاه. * بالعودة إلى ما قلتم: إنه أساس المشكل في رئاسة الجمهورية أي إيران. قلتم إن إيران مأزومة، فكيف ترى أن ترفع إيران يدها عن انتخاب رئيس جمهورية لبنان؟ - اليوم هناك تعليق الحياة السياسية في لبنان عبر عدم انتخاب رئيس للجمهورية وكل ما ينتج عن هذا الموضوع. الظاهر ان موضوع انتخاب رئيس الجمهورية موضوع أساسي، لذلك تأزم البلد عبر عدم انتخاب رئيس للجمهورية بعكس ما يقوله بعضهم من أنه تم في اتفاق الطائف انتزاع الكثير من الصلاحيات من الرئيس. اتضح ان الرئيس هو الأساس في هذه الجمهورية وكل يوم يمر يثبت صحة ذلك. طبعاً أننا نقول: إن الإيراني يتدخل بشؤون المنطقة بما فيها لبنانوسورياوالعراق واليمن والبحرين وغيرها من المناطق، ولم يوفق في أي مكان. وهذا دليل ان إيران مأزومة من خلال تدخلاتها ولم تحقق انجازاً في اي مكان! كل ما تفعله إيران انها تعطل حياتنا السياسية، وتنتظر الحل للمنطقة بأسرها حتى يتم فك أسر لبنان وحلحلة الأزمة. * من يستطيع الضغط على إيران لفك أثر لبنان؟ - مواجهة المشروع الإيراني في المنطقة هو أول العوامل التي تؤدي إلى إعادة إيران إلى حجمها الطبيعي وإلى حثها على عدم التدخل في لبنان والمنطقة. * اليوم ما رأيك بالموقف السعودي الذي كان بوضوح بوجه الموقف الإيراني في اليمن، وكان بوضوح تدخل الملك سلمان شخصياً والقيادة السعودية، عبر قيادة التحالف العربي ضد إيران في اليمن؟ - رد الفعل السعودي، بعد الانقلاب على الشرعية اليمنية من قبل الحوثي- صالح، كان رداً طبيعياً جداً. نحن نتكلم عن شبه الجزيرة العربية ولا نتكلم عن بلاد ليس للسعودية حدود معها أو دور فيها. يعني نحن نتكلم عن وطن عربي اسمه اليمن ونتكلم عن شبه جزيرة عربية وحدود متلاصقة. إذا هذا هو الحد الادنى الذي يمكن للسعودية ان تتدخل من خلاله، وهي لم تتدخل لحماية مصالحها بل لحماية العروبة وما تبقى من هذه العروبة في هذه المنطقة، ومنع تدخل اي كان، خاصة اذا كان طرفاً اقليمياً، وهو متدخل عنوةً دون اي مبرر ودون أي صلاحية ودون اي حتى شرعية للتدخل. هذا شأن عربي والشأن العربي يخص كل البلدان العربية وبشكل خاص في هذه المنطقة وبخاصة بالجزيرة العربية. * ما رأيك اذا خسرت إيران في اليمن، وعلى ما نرى تعود الشرعية اليمنية شيئاً فشيئاً لتستلم المدن اليمنية وصولاً إلى صنعاء، ماذا تتوقع بعد خسارة إيران في اليمن يعني خسارة الحوثيين في اليمن؟ - أتوقع تواضعاً أكثر من إيران من خلال مشاريعها التوسعية في المنطقة ونتوقع تراجعاً في الاجتهاد الايراني في المنطقة، وأن تعود الأمور إلى حد أدنى من الاستقرار عندما يفهم الايراني أن لا دور له في المنطقة العربية، وان الشرعيات المحلية من حقها ان تدافع عن نفسها بمساعدة عربية. وهذا موضوع يتطلب مجهوداً كبيراً. لن يحصل غدا بل يتطلب وقتاً وعملاً دؤوباً. وهي اشارة للإيرانيين انكم لن تستطيعوا ان تضعوا يدكم على هذه المنطقة بسهولة التي تعتقدونها. * لإيران في سوريا وللنظام السوري ماذا يعني ذلك؟ - كل الكلام الذي يحكى عن فترة انتقالية في سوريا بوجود الاسد لن يطبق. أنا برأيي انه بوجود الروس او غير الروس او الايرانيين، كلهم سيفشلون في مواجهة الثورة السورية، هذه الثورة ثورة فعلية ثورة حقيقية وبالتالي طرقهم هذه، من ارسال اسلحة وجيوش إلى سوريا لصد هذه المعارضة، هم مخطئون. فكما يعتقدون ان الحرب ضرورية ضد داعش، هم يجب ان يقتنعوا بأنه يوجد ثورة فعلية غير داعشية، لها مطالب محقة وسيكون لها تأثير كبير بعكس ما يقال اليوم ضمن اجواء قوى 8 اذار عن عدم انتزاع السلطة من بشار الاسد، وهو الذي قمع السوريين في كل السنوات الماضية، ومستمر في قمعهم من خلال البراميل المتفجرة والحروب المتنقلة عليهم. * الرئيس الروسي فلاديمير بوتن لديه نظرة، انه اذا خسر النظام السوري ستربح داعش؟ - نحن نعتقد ان داعش هو نتاج النظام السوري وبالتالي لا تستطيع ان تداوي الداء بالداء، المشكلة أنه يجب ان تداوي الداء بالدواء. والدواء غير موجود عند بشار الأسد.