اليوم تكمل مملكتنا الغالية فرحتها بيومها الوطني الخامس والثمانين وفي كل سنة نجدد العهد والولاء والانتماء لقيادتنا الرشيدة وفي هذه الذكرى العطرة نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وإلى ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز والنائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدا لعزيز -يحفظهم الله- وللأسرة المالكة وللشعب السعودي النبيل. خمسة وثمانون عاماً من الأيام تشرق بها شمس وتغيب ولا تزال شمس الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- تشرق فلا تُغيَّب على جميع أفراد الشعب السعودي الوفي، فجزاه الله عنا خير الجزاء وجميع من جاهد معه لتوحيد هذا الكيان الشامخ ليجمعنا تحت المظلة الخضراء، ويؤسس لنا دولة بحجم قارة تكفل الحياة الكريمة لمواطنيها ولله الحمد والمنة. وأتمنى أن نجعل من هذه الذكرى السعيدة على قلوبنا جميعاً مناسبة نقف فيها أمام أنفسنا لنسألها بصدقٍ ما الذي ينبغي علينا أن نفعله اليوم لوطننا الغالي الذي لم يبخل علينا بعطائه الكبير، ورفع قدرنا وعزتنا بين الأمم، فعندما خصص يوم الاحتفال أن يكون عطلة رسمية للدولة للاحتفال بذكرى اليوم الوطني هدف من خلالها إحداث بصمة حضارية وثقافية ونفسية ومجتمعية لجميع أبناء الوطن والمقيمين على أرضه باختلاف أطيافهم، للتأكيد على التذكير بنعمة الله علينا جميعاً أن حقق لنا هذا الاستقرار الأمني والاقتصادي، وللتذكير أيضاً بأهمية المواطنة الصالحة الحقة. لقد قاد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -يرحمه الله- ملحمة توحيد وبناء هذا الكيان الشامخ الذي كان ممزقاً في كيانات قبلية متنافرة، فلو تأملنا بعمق دلالات هذه الملحمة لوقفنا على عبقرية رائد التوحيد، حيث استطاع أن يؤسس نظام حكم على مبادئ القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة المطهرة، وهما الأساس الذي تقوم عليه حياة كل مسلم. فقد وضع الأجداد يرحمهم الله أيديهم بيد المؤسس الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- وتمكنوا من تجاوز الأطر القبلية الضيقة، وأسهموا في ملحمة التوحيد فأصبح لنا كياناً شامخاً، وعمل من بعده أبناؤه البررة المخلصين على ترسيخ ما أسهم فيه الأجداد من القيم وأرسوا دعائم نهضة حقيقية عبر مشاريع التنمية والتحديث والتطوير لجميع مرافق الدولة وعناية خاصة بمشاريع التوسعة للحرمين الشريفين لاستيعاب أعداد كبيرة من الحجاج والمعتمرين مما منحنا بطاقة الدخول في قلب العصر والتواجد الفاعل في الأحداث العالمية فأصبح لنا تواجد أساسي على المسرح الدولي ورقماً صعباً لا يمكن تجاوزه في السلم والحرب وفي حركة الاقتصاد العالمية (وهنا تكمن المعجزة). إن حبنا لهذا الوطن وانتماءنا إلى أرضه الطاهرة المباركة التي انطلقت منها الرسالة المحمدية مرسلة بالنور والهداية إلى أرجاء المعمورة، انطلقت منها كذلك وتكونت بها أول وحدة عربية قوية ونادرة في زمن الفرقة والتجزئة، هذه الوحدة التي أرسى قواعدها وجمع أركانها الملك المؤسس عبدالعزيز -يرحمه الله- باتت قوة وطنية متماسكة بين القيادة والشعب بفضل من الله سبحانه وتعالى لا يمكن اختراقها، بل وأصبحت بيت العرب الأول الذي يلجأ إليه إخواننا للمشورة والمساعدة. لذا يجب علينا أن نسجل جميعاً كمواطنين فخرنا واعتزازنا بالمنجزات الحضارية الفريدة والشواهد الكبيرة التي أرست قاعدة متينة لحاضر زاهر وغدٍ مشرقٍ في وطن تتواصل فيه مسيرة الخير والنماء، وتتجسد فيه معاني الوفاء لقادة أخلصوا لشعبهم وتفانوا في رفع راية التوحيد، ورفعة وطنهم وخدمته حتى أصبح له مكانة كبيرة بين الأمم ولابد أن نواجه أنفسنا بالسؤال الأهم: (إلى أي مدى نحن نحب الوطن الحب الحقيقي الذي يستحقه ويجب أن نهبه له؟) فحب الوطن هو انتماء حقيقي يتجلى في العمل على رفعته وتقدمه بإخلاص وتفانٍ وبذلٍ وعطاء وتضحية، فنحن ولله الحمد والمنة نعيش في ظل وطن نتفيأ ظلاله وننعم بأمنه واستقراره وبقيادته الحكيمة ومعطياته ومكتسباته الحضارية. حفظ الله لنا قائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -أيدهم الله بنصره وتوفيقه- وحفظ الله الشعب السعودي المخلص الوفي وأدام الله علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار.