فاصلة: (لكم هو سهل سحق الحرية الداخلية للإنسان باسم الحرية الخارجية) - حكمة هندية، طاغور - من أوائل من نادى بحرية التعبير عن الرأي، الفيلسوف جون ستيوارت ميل الذي قال «إذا كان كل البشر يمتلكون رأياً واحداً، وكان هناك شخص واحد فقط يملك رأياً مخالفاً، فإن إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني البشر إذا توفرت له القوة». كنت وما زلت مؤمنة بأهمية حرية التعبير وخطورة قمع الرأي مهما كانت مبررات ذلك. وقد استطعت أن أزرع هذه القيمة في بناتي، فقبل أن يقتنعن بأهمية أن يتركن للآخر فرصة للتعبير كان علي ان اترك لهن حرية خوض التجربة، وأترك لهن مساحة للتعبير عن رأيهن المخالف لرأيي. وهي عملية صعبة على المربين؛ لأن التربية لا تحدث أثراً من خلال المحاضرات التي يلقيها الآباء على مسامع أبنائهم أو عبر النصائح والتوجيهات فقط، انما ابلغ الأثر يكون حينما يلمس الأبناء تطبيق هذه القيمة في واقعهم ويسمح لهم والديهم بالتعبير بحرية عن آرائهم. اعرف كثيرا من الأمهات يعبرون عن ايمانهم بحق أبنائهم في حرية التعبير لكنهم لم يطلبوا يوما من أطفالهم ان يرسموا او يكتبوا حين يجدونهم عاجزين عن التعبير رغم ظهور مؤشرات بأن لديهم ما يستحق التعبير عنه. الديموقراطية مع الأبناء ليست سهلة؛ لأنك كفرد عربي لم تمارسها، وهنا يصعب ان تعلمها اولادك او تمارسها معهم، الا اذا امتلكت وعيا مكنك من السيطرة على برمجتك العقلية القديمة. والديموقراطية تكون أيضا صعبة في تطبيقها مع الأبناء في مواجهة مع معلمين ومعلمات غالبا لا يتركون مجالا لحرية التعبير، هذا اذا لم يعتبروها وقاحة!! لذلك ان تعلّم اولادك الديموقراطية ليست هي القضية، انما ان تجد انت نفسك هذه المساحة في عالمك وتوجدها في المجتمع هي القضية، وهي التحدي الصعب الذي تواجهه انت وأولادك، لكن هذا التحدي يبقى أفضل بكثير من التناقض أو التشدق بديموقراطية تنهزم امام اول موقف يعارض فيه الأبناء رأيك!!