حرية الرأي والتعبير يمكن تعريفها بالحرية في التعبير عن الأفكار والآراء تحدثا أو كتابة أو عبر عمل فني بدون رقابة أو قيود بشرط أن لا يمثل طريقة ومضمون الأفكار أو الآراء ما يمكن اعتباره خرقاً لقوانين وأعراف الدول ولحدود حرية الرأي والتعبير فانه يعتبر من القضايا الشائكة والحساسة إذ أن الحدود التي ترسمها الدول أو المجاميع المانحة لهذه الحرية قد تتغير وفقا للظروف الأمنية والأعراف السكانية للأعراق والطوائف والديانات المختلفة التي تعيش ضمن الدولة أو المجموعة وأحيانا قد تلعب ظروف خارج نطاق الدول أو المجموعة دورا في تغيير حدود الحريات. تعود بدايات المفهوم الحديث لحرية الرأي والتعبير إلى القرون الوسطى في المملكة المتحدة بعد الثورة التي أطاحت بالملك جيمس الثاني من إنكلترا عام 1688 ونصبت الملك وليام الثالث من إنكلترا حيث يعتبر الفيلسوف جون ستيوارت ميل من أوائل من نادوا بحرية التعبير عن أي رأي مهما كان هذا الرأي غير أخلاقي في نظر البعض حيث قال "إذا كان كل البشر يمتلكون رأيا، واحدا وكان هناك شخص واحد فقط يملك رأيا مخالفا فان إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني البشر إذا توفرت له القوة". وعلى الرغم من وجود بنود في دساتير الدول على المستوى العالمي تضمن حرية الرأي والتعبير إلا أنها لم تخرج عن إطارها الشكلي إلى حيز التطبيق، حيث الانتهاكات كثيرة لحرية التعبير في كثير من دول العالم التي يمنع في عدد منها إن لم يكن في معظمها الانتقاد الذي كفلته دساتيرها بوصفه حقا للتعبير عن الرأي، حيث يسطر لنا على المستوى العربي - مثلا - الميثاق العربي لحقوق الإنسان في مادته الثانية والثلاثين بأنه يضمن هذا الميثاق الحق في الإعلام وحرية الرأي والتعبير وكذلك الحق في استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأي وسيلة ودونما اعتبار للحدود الجغرافية. بينما جاءت مادته الثانية تنص على أن تمارس هذه الحقوق والحريات في إطار المقومات الأساسية للمجتمع ولا تخضع إلا للقيود التي يفرضها احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وفي المادة 14 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان الفقرة الثانية: لا يجوز حرمان أي شخص من حريته إلا للأسباب والأحوال التي ينص عليها القانون سلفاً وطبقاً للإجراء المقرر فيه، حيث حدثت في العصر الحديث سلسلة من الأحداث التي خلقت جدلا فلسفيا بين حق حرية الرأي والتعبير وواجب احترام المعتقدات الدينية! منها على سبيل المثال فيلم حياة برايان يروي الفيلم وبصورة ساخرة قصة حياة شخص اسمه برايان ولد في نفس اللحظة ونفس الزقاق الذي يتخيل منتجو الفيلم أنه المكان الذي ولد فيه المسيح - عليه السلام - ومنها فيلم Dogma فيلم كوميدي في هذا السياق عن الكنيسة الكاثوليكية. ولا ننسى في بدايات 2006 حينما قام بعض المخرجين الغرب بإنشاء أفلام سخرية من الرسول صلى الله عليه وسلم التي وجدت ردود فعل سياسية وإعلامية ودينية واقتصادية واجتماعية حول تلك الإساءة للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - في سبيل نصرته والدفاع عنه في وقت كان العالم الغربي يعتبر ذلك حرية رأي وتعبير. فكما قال أيضا سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه (لا خير فيكم ان لم تقولها ولا خير فينا ان لم نسمعها منكم) وكما قال جورج واشنطن أول رئيس للولايات المتحدة إذا سلبنا حرية التعبير عن الرأي فسنصبح مثل الدابة البكماء التي تقاد الى المسلخ، وكما قال الكاتب الفرنسي فرانسوا ماري أرويه المعروف باسم فولتير (انني اختلف معك في كل كلمة تقولها لكنني سأدافع حتى الموت عن حقك في ان تقول ما تريد). كما تعد حرية التعبير لغة مشتركة بين هامة المجتمع والمسؤولين فيه، والرعية والحاكم فالحاكم مطالب بتنفيذها عن طريق الشورى، وعن طريق تحقيق العدل والنظام القضائي المستقل، ونشر التعليم، وتحقيق الاكتفاء الاقتصادي وغيرها من الوسائل التي تجعلها ممكنة بحيث لا تخاف الرعية من ظلم أو فقر أو تهميش أما المحكوم فمطالب بها فرداً وجماعات في كل المجالات تجاه الحاكم وتجاه الآخرين، وبدون حرية التعبير وكل ما يؤدي إليها يحدث خلل في المجتمع الإسلامي، فالمسلم مطالب بعدم كتمان الشهادة في أي جانب من جوانب الحياة قال تعالى (وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) - سورة البقرة آية 283. إذ تعتبر حرية التعبير في الإسلام أمر حق لكل مسلم ومسلمة وليس كما يصورها القانون في العالم الغربي، الحرية ينبغي أن تكون منضوية تحت لواء الصالح العام. ومن قيود حرية الرأي والتعبير الأخلاقية الذي يجب علينا جميعا الالتزام بها الغيبة الحديث عن شخص آخر والمس بسمعته وتجريحه بالكذب، السخرية من الآخرين وإسقاط هيبتهم والكذب عليهم حيث ذهب البعض في سيبل ما يتوهمه حرية الرأي إلى التجرؤ على الله سبحانه وتعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى الدين الاسلامي فيما ذهب البعض في إطار ما يتصوره عن مفهوم حرية الرأي إلى سب دين من الأديان السماوية قال تعالى. (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون) سورة الأنعام، إن حرية الرأي والتعبير تجعلنا نسمع رأي الصغير والكبير والعالم والجاهل، لتكفل للجميع حياة كريمة وسعيدة متمنيا لكم العزة والكرامة والسعادة.