بدأت مقولة إن القطاع الخاص سيقتفي أثر تلك الحكومات التي تصدر الصكوك في الاضمحلال بعدما كشفت التجربة الميدانية عن عكس ذلك. وبدأ المراقبون في الصناعة يشعرون بخيبة الأمل من ذلك، ففي السنة الماضية أصدرت كل من بريطانيا وهونج كونج والسنغال وجنوب افريقيا ولوكسومبورج صكوكا سيادية ولكن في المقابل لم تقم أي شركة بإصدار أي سندات اسلامية. وتعود أسباب ذلك الى عدم مرونة التشريعات القانونية التي تتواءم مع هياكل الصكوك فضلا على ان تسعير الصكوك يعد مرتفعا على هذه الشركات. وهذا ماجعل الحكومات يستحوذون على 85% من اجمالي إصدارات السنة الماضية. إصلاحات تضع السعودية خططا لسلسلة جديدة من الإصلاحات تتضمن إجراءات لتوسعة وتنشيط سوق سندات الشركات، ويعد إصدار سندات الشركات في المملكة الأنشط من نوعه في المنطقة لكنه لا يزال متخلفا بكثير عن إمكاناته، وحتى الآن فإن البورصة السعودية لديها سبعة إصدارات مدرجة فقط لصكوك حيث تتم معظم الطروح المحلية للأسهم من خلال إصدارات خاصة نادرا ما يتم تداولها ولذا فإن التسعير في السوق لا يتسم بالشفافية. وتريد هيئة السوق المالية السعودية تغيير الأمور بموجب استراتيجية لأجل خمس سنوات للتشجيع على إصدار السندات التقليدية والصكوك كبديل للقروض البنكية التي تهيمن حاليا على وسائل تمويل الشركات. وهذا سيؤدي إلى توزيع المخاطر وتخفيفها على النظام المصرفي وهو ما يجعل القطاع المالي أكثر قوة ويتيح مزيدا من القنوات لقطاع الاستثمار المتنامي في المملكة. وقالت هيئة سوق المال في خطتها الاستراتيجية 2015-2019 إنها ستيسر عملية الموافقة التنظيمية على منتجات الدين وتنظم إدراج الطروح الخاصة للسندات في البورصة وتطور التوريق لتحسين الخيارات المالية أمام المصدرين ذوي التصنيفات الائتمانية المنخفضة. عقبات وهناك عقبات أخرى كبيرة تعترض نمو سوق سندات الشركات وبعضها خارج سلطة هيئة السوق المالية، ومن بين تلك العقبات البيئة القانونية الضبابية في المملكة. وقال خالد هولادر الرئيس العالمي لوحدة التمويل الإسلامي في موديز: إنه لا توجد حاليا قواعد واضحة أمام المستثمرين والمقترضين حول كيفية التعامل مع حالات التخلف عن السداد أو المواقف المتأزمة.وقال محي الدين قرنفل رئيس الاستثمار في أدوات الدخل الثابت الإقليمية لدى فرانكلين تمبلتون إنفستمنتس إنه في الوقت الحاضر لا يستطيع المستثمرون الأجانب التعامل إلا مع منتجات الدين السعودية المدرجة من خلال اتفاقيات المبادلة التي قد تكون مرتفعة التكلفة، ويعتقد بعض مديري الصناديق أن هيئة السوق المالية تستطيع في نهاية المطاف فتح سندات الشركات المدرجة أمام الاستثمار الأجنبي المباشر بنفس الطريقة التي فتحت بها سوق الأسهم أملا في أن تؤدي مشاركة المؤسسات الأجنبية إلى إضافة خبرة وتطوير في السوق. وقال لرويترز يزن عابدين مدير الصناديق لدى سدكو كابيتال ومقرها جدة إنه مع دخول المستثمرين الأجانب من المؤسسات إلى سوق الأسهم فإنه من المرجح أن يرغبوا في دخول سوق سندات الشركات لموازنة استثماراتهم.لكن بالشكل الحالي فإن تسعير سندات الشركات السعودية ربما لا يكون مغريا لكثير من المستثمرين الأجانب. وحيث إن المستثمرين المحليين من المؤسسات لديهم سيولة مالية وفيرة فإن العائدات على السندات بالريال قد تكون أقل من مثيلاتها على السندات في الخارج وهذا -بالإضافة إلى أحجام التداول المتواضعة في السعودية- ما يزيد المخاطر. وستتجه الشركات السعودية ذات التصنيفات الائتمانية المنخفضة إلى طرح سندات بعوائد مرتفعة ولذا فإن تشجيعها على الإصدار - وليس فقط تشجيع الشركات الأقوى ماليا - ربما يجذب مزيدا من المستثمرين الأجانب. وسيتطلب ذلك تحولا رئيسيا في ثقافة الإحجام عن المخاطرة لدى أنشطة الأعمال في المملكة.