«ثمة نظرة اجتماعية ترسخت في الأذهان حول فكرة دونية المرأة في المجتمع، وقد توارثتها الذاكرة العربية، فانتقلت من الواقع الاجتماعي إلى فضاء الكتابة الإبداعية. ومن خلال التتبع الأدبي الإبداعي، نجد أن تلك النظرة إلى الأنثى ما تزال قائمة، مع اختلاف في طرق الإقصاء، ووسائل الاستلاب. وانطلاقا من هذا الموروث الأدبي، حفل السرد العربي الحديث تحديدا بهذه النظرة، وسجل مواقف لا تخلو من السلبية تجاه الهوية الأنثوية. وفي خضم ذلك ارتفع صوت الأنثى الكاتبة، تصور واقع هويتها الأنثوية، فكانت كتابتها أقرب إلى تجسيد « أزمة» تعيشها وسط إفراز مجتمعي! خاصة بعد ان شكلت الكتابة للمرأة مجال تعبير، وتنفيسا، وحرية. ومن هنا، كان مثار السؤال عن ماهية أزمة الهوية الأنثوية، وكيف تنظر الأنثى إلى هويتها الأنثوية؟ وما أسباب هذه النظرة؟ وتداعياتها؟ وأبعادها؟ إن دراسة الأنوثة بوصفها هوية من خلال النصوص الإبداعية لا تمثل بالضرورة واقع المرأة المعيش في المجتمع، وإن كانت تعكس هذا الواقع في بعض جوانبها، إلا أنها تكشف عن صورة الأنثى وموقفها من أنوثتها، من خلال ما تحمله مخيلة المرأة من صورة ذهنية عن نفسها. وحصرت عينة الدراسة ما بين عام 1410- 1990 الذي بدأ فيه نتاج المرأة السعودية السردي بالتدفق وظهور ملامح أزمة الهوية الأنثوية فيه، وعام 1429-2009 الذي بدأ فيه مشروع انجاز هذا الكتاب. وقد كان نتاج عقدين من الزمان، مع توافر أكثر من مئتي عمل سردي مطبوع من الأمور التي يصعب معها الإلمام بهذا الموضوع، فكان الخيار الأمثل والحل الأنجع أن تتجه الدراسة صوب الانتقاء والاختيار، فتم اختيار عينة تبلغ أربعة وعشرين عملا ما بين مجموعة قصصية ورواية، لثماني عشرة كاتبة، يمثلن مختلف المناطق، والاتجاهات الفكرية والأسلوبية في المملكة. مع الاشتراط الموضوعي والفني للعمل المنتقى. وهدفت الباحثة من وراء تناول موضوعة (أنثى السرد) وأزمة هويتها الأنثوية إلى كشف أبعاد أزمة الهوية الأنثوية عند الكاتبة السعودية، واماطة اللثام عن تجلياتها، واستنطاق أسبابها ودلالاتها، إلى المستوى النفسي، والاجتماعي، والجسدي، والثقافي، من خلال استقراء عينات النصوص الروائية والقصصية، ضمن الفترة الزمنية المخصصة للبحث، ثم التعرف بعد ذلك على تأثير أزمة الهوية الأنثوية، وتواترتها في البنية السردية وتقنياتها الفنية». د.منيرة ناصر المبدل - مؤسسة الانتشار العربي