لم ترتد غطاء الرأس لتكون من ذوي المكانة والسلطة، تلك «الشنة» لأنها شنة بخصوصيتها وليست بما تعرف به مفردتها في مجال المدح، فيقال: «له شنة ورنة» أي له شهرة ومكانة، فالشنة غطاء رأس يرتديه ذوو المكانة، والرنة هو الصوت الذي ينبعث من ضرب العصا أو الحديد سواء في معدن أو خلافه ليحدث رنينًا وهو كناية عن السلطة. لكننا هنا لا نتحدث عن تلك المقولة الشهيرة وإنما نتحدث عن الشنة ذاتها التي فقدت بريقها في عصرنا الحاضر ولمن لا يعرفها «شنة» الأجداد هي حافظة التمر، التي يحدثنا عنها العم سالم الذبياني، من رجال ينبع النخل المحافظين على تراث الآباء والأجداد باستمراره في صناعة تلك الحرف اليدوية القديمة بمختلف أنواعها. التقيناه في ركن حرف من ينبع النخل بمهرجان صيف ينبع 36 الذي يقام بقصر المصمك بمنطقة الشرم الترفيهية. يقول العم الذبياني: إن الشنة تصنع من جلد الغنم بعد أن يغسل ويجفف ومن ثم يبلل بالماء ليصبح مرنًا ليوضع بداخلها التمر، أيضًا بعد أن يغسل وينشر، مع الحرص أولاً عند ذبح الشاة وسلخ جلدها عدم إصابته بأي قطع حتى يكون سليمًا ويحفظ التمر بداخله. ويضيف بعد أن يوضع التمر بداخل الجلد يغلق بشوك من جريد النخل ويتم غلق الفتحة جيدًا بذلك الشوك، ومن ثم تعرض في الشمس لمدة أسبوع أو أسبوعين أو شهر حتى ينزل «الدبس» وهو مثل العسل خلاصة التمر ليحفظ بعد ذلك التمر داخل تلك الشنة لمدة عام أو ستة أشهر. وبعد أن تفتح الشنة بعد تلك الفترة يؤخذ التمر للأكل ويكون بنفس حالته الطبيعية التي وضعت به بل ويأخذ نكهة زكية وتوضع أحيانًا بودرة نبات «القوزر» بعد أن يطحن لتضيف إليه نكهة مميزة وطعمًا لذيذًا. ويمضي العم سالم، في سرد تفاصيل تلك «الشنة» ويقول: «إن ابتكار آبائنا وأجدادنا لتلك الشنة هو كوسيلة لحفظ التمر، حيث إنهم لم يعرفوا الثلاجة في ذلك الوقت لحفظ التمر الذي هو مهنتهم، إِذ يزرعون النخل الذي اشتهرت به ينبع النخل». وعن زوار المهرجان يقول: الكثير ممن زاروا ركن تراث ينبع النخل تساءلوا كثيرًا عن تلك الشنة بل وبعضهم طلب شراءها وذلك نتيجة لأن الأجيال الجديدة غر ملمين بتراث آبائهم وأجدادهم فجاءت مشاركتنا في هذا المهرجان وغيره لتعريف الأجيال الجديدة بهذا التراث الأصيل.