سلسلة من الأخطاء التي تحتاج لنظرة إستراتيجية بعيدة المدى، ففي السنوات الأخيرة تم حقن المجتمع بسيل من الإعانات التي بالكاد تسد الحاجة، وهي على العموم مبالغ كبيرة كان من الممكن أن تكون أداة إنتاجية جديدة لو وظفت هذه الأموال على نحو إستراتيجي، بدلاً من تعظيم قيم الاستسلام لرواتب ومكافآت ضئيلة لا تخدم الهدف الإستراتيجي، ولا تدفع بالمواطن إلى ميادين التدريب والعمل. وعليه لا يمكن أن تقنع أي شاب بالحصول على راتب ضئيل بحدود 2000 ريال من دون أي عمل، مقابل استغلال اسمه في السعودة الوهمية، وتسجيله في نظام التأمينات الاجتماعية حتى وإن بلغ الراتب الضعف، وأصبح هناك الكثير من السعوديين لا يؤدون أي أعمال ويتقاضون رواتب زهيدة من أجل تحقيق السعودة فقط، حتى تسببت السعودة الوهمية في زيادة الاستقدام مما عرقل برامج وإستراتيجيات السعودة. حل مشكلات البطالة والسعودة الوهمية لا يكون بالإعانات، وإنما بالسياسات والإجراءات، وتسهيل الاستثمارات للشباب دون تعقيد إداري أو غيره في بناء المزيد من المناطق، والمدن الصناعية الجديدة، وتأسيس الشركات الصناعية العملاقة، وتطوير مؤسسات التدريب، وتوطين الوظائف، فكل ذلك يؤدي إلى تحريك الاقتصاد، ويسهم في حل مشكلة البطالة من جذورها. نسبة البطالة تجاوزت 13 % مع نهاية عام 2014م، وأصبحت البطالة لا تقتصر على خريجي الثانوية العامة فقط، بل تجاوزت ذلك لتصل إلى من يحملون المؤهلات العليا، ويعود ذلك إلى عدة أسباب منها، نمو السكان وكثافة الخريجين الجدد، كما أن عدم الإحلال مع عدم فتح شواغر جديدة للوظائف الإدارية الحكومية وبقائها على حالها يشغلها أشخاص لا يرغبون في التطوير والعمل الجماعي، وتجاهلهم توطين الوظائف مع اعتمادهم على تعيين معارفهم ومستشارين أجانب، كل هذا ساهم في زيادة نسبة البطالة. كما أن اعتماد وزارة العمل على المكاتب الاستشارية الأجنبية، والتي ليس لها معرفة بالظروف المحلية خلق ضعفاً في التخطيط الاقتصادي، وفي دراسة حاجات السوق، ورؤية سوق العمل بوضوح، وأصبحنا لا نستطيع توفير الوظائف للمواطنين، لذا من المفترض ضرورة وجود جهاز تخطيط اقتصادي فاعل منبثق من مجلس الاقتصاد والتنمية تكون مهمته وضع الخطط والبرامج وإناطة مسؤولية التخطيط الوظيفي بجهة مستقلة يعهد إليها مهمة صياغة إستراتيجيات توطين الوظائف. الجميع يتطلع إلى أن تكون هناك محاسبة ومراقبة مباشرة ومستمرة من الجهات الرسمية والمختصة وبخاصة من مجلس الاقتصاد والتنمية ومتابعة من وزارة الخدمة المدنية، ووزارة العمل، كما يجب على جميع المؤسسات العامة والخاصة دعم الموارد البشرية الوطنية بكوادر سعودية وطنية، وخلق بيئة عمل قائمة على العدالة المادية والمساواة في التوظيف، حيث تكون معايير التوظيف والترقيات والحوافز والمكافآت والتدريب والمهمات الرسمية مبنية على أسس علمية، وليس على المحسوبيات وتوظيف الأقارب والأصدقاء. نحن بأمسِّ الحاجة لوضع الحلول للسعودة الوهمية قبل خروجها عن السيطرة، لأن المواطن أصبح يعيش همّ الوظيفة، وأصبحت السعودة الوهمية واحدة من أخطر المشاكل التي يعاني منها الفرد والمجتمع، وسبباً رئيساً لمشكلة الفقر وانتشار الجريمة، لذا يجب الاستعداد لوضع الحلول واستغلال الطاقات المتاحة بشكل أفضل، والسعي إلى تشكيل هيئة عليا لتوظيف الشباب والشابات ومساعدتهم في الحصول على الوظيفة المناسبة لضمان فرص العيش الكريم لهم، ولأسرهم في ظل هذا الوطن المعطاء. ويُفترض من جميع مؤسساتنا العامة والخاصة تعزيز ودعم المواطن السعودي، ومنحه الفرصة في الوظائف المحلية، والنظر إلى السعودة على أنها قضية وطنية يجب المساهمة فيها استجابة لنداء الملك سلمان - حفظه الله - الذي طالب فيه الجميع بإيجاد فرص عمل لجميع العاطلين واستقطاب أبناء الوطن من أجل إعداد كوادر وطنية متخصصة، وعلى درجة عالية من الكفاءة والقدرة والتميز، حيث إن الحاجة ملحة في الوقت الحالي إلى الارتقاء بالمواطن السعودي لخدمة وطنه ودعم الاقتصاد الوطني.