كلما أشاهد الصحفي المصري محمد حسنين هيكل أشعر أنني أمام تمثال للكذب والخرافة، وعلى الرغم من كشف حقيقته وفضحه، إلا أنه لا يزال يخرج بين الفينة والأخرى ليدلي بتصريحات تكشف حقيقته المتناقضة وعشقه الأزلي للمال والأضواء، وهو من الصنف البشري الذي لا يخجل، وحتى محبيه يعترفون بأنه كلما طال به العمر، انكشفت حقيقته أكثر، فهناك أصناف بشرية يمد الله في عمرها، حتى لا تغادر هذه الدنيا إلا وقد تعرّت من كل شيء، وهيكل واحد من هذه الأصناف، ولله حكمة في ذلك. إن مدرسة هيكل الصحفية، إن صحّت تسميتها بالمدرسة، تقوم على الكذب، واختلاق القصص، والرواية عن شخصيات بارزة بعد رحيلها، فنادراً ما يروي هيكل عن زعيم أثناء حياته. هذا، ولكن ما أن يرحل هذا الزعيم أو ذاك حتى يكشف هيكل عن صداقته به، ثم يبدأ بسرد القصص التي لا تنتهي عما قاله له، وهي روايات لا يمكن التحقق منها، وقد حصل ذلك مئات المرات، وهذا سلوك يأنف منه حتى صغار الصحفيين، كما أن هيكل استغل علاقته بالرئيس عبدالناصر، وهي العلاقة التي صنعت الأول، ولا يزال يعيد تدوير تلك المرحلة بكل تفاصيلها بلا كلل أو ملل، رغم زوال بريق تلك المرحلة البائسة من تاريخ العرب، ورغم وضوح كل المآسي التي تسببت بها كما نشاهد اليوم، ومنذ عهد عبد الناصر، والمومياء المحنطة هيكل لا يكن وداً لمنطقة الخليج، ولا لأهلها، فهو يمثل النظرة النمطية «الدونية» لأحبتنا عرب الشمال لأشقائهم عرب الجنوب، أو بدو الجزيرة العربية، كما يسمونهم، متوهمين أنّ هذه منقصة!!، وهو وأمثاله لا زالوا يتكسبون من شعارات تلك المرحلة العربية الغابرة، وذلك رغم أنّ أموراً جسيمة حدثت منذ ذلك الوقت، وتمخض عنها معرفة حقيقة أنظمة الانقلابات العسكرية العربية، وثبات مسيرة أنظمة الخليج ، على المستوى السياسي، وتطورها على كل المستويات، خصوصاً التنمية الاقتصادية، إذ لا تزال مرحلة عبدالناصر، وربيبه معمر القذافي، وصدام حسين تعشعش في مخيخ هيكل الهرم!!. كم كانت ضربة قاصمة وموجعة لهيكل، عندما تم الكشف عن شركاته العابرة للقارات، وشراكة نجله التجارية مع نظام الأسد في سوريا، ولو كان يحمل ذرة من حياء، لتوارى عن الأنظار، ولكنه لا زال يبث تنظيراته وكأن شيئاً لم يكن، وكم هو مهين لصحفي، يزعم الريادة، أن يستمر في الوقوف على قارعة طريق الارتزاق الصحفي، عارضاً بضاعته على من يدفع أكثر، وذلك رغم ثرائه الفاحش، ومن خلال هذا الإطار جاء حديثه عن الاتفاق النووي، بين الولاياتالمتحدة وإيران، إذ عاد إلى سيرته «المملة» في ابتزاز دول الخليج، وبالذات المملكة، عن طريق التذلل، والخنوع لحكومة طهران، والغريب أن هذا الكهل لا يتعلم أبداً، فهو يكرر ذات الادعاءات منذ خمسين عاماً، ورغم أنه يثبت بطلانها في كل مرة، إلا أنه لا يتوقف عن إعادتها!!، فعلى مدار كل هذه العقود، كان هيكل يشيد بخصوم الخليج، ويبشر بضعف هذه الدول، وبقرب نهايتها، ثم يسقط «معازيب» هيكل واحداً بعد الآخر، وتزداد دول الخليج ألقاً وشموخاً، ولعلنا، لأجل ذلك، نتفاءل بمستقبل مشرق للخليج وأهله، بعد حديث المومياء هيكل الأخير عنا وعن إيران!.