حقوق ملكية عنوان هذا الموضوع محفوظة للزميل الإعلامي والمذيع المعروف علي العلياني، الذي أصاب كبد حقيقة محمد حسنين هيكل بهذا الوصف البليغ جدا، فأنا ممن ناقش كثيرا مدافعين عن (صنم) هيكل من باب أنه ليس أكثر من حانوتي في مقبرة الكتابة الصحفية، التي نشهد له بها بطول الباع في غزارة الإنتاج وروعة الأسلوب وحبك القصص المكذوبة ونصف المكذوبة. مات عبدالناصر، وبحسب رواية الكاتب رشاد كامل في مجلة روز اليوسف، كتب هيكل مقاله الشهير (عبدالناصر ليس أسطورة) وقال ما قال وسط طوفان الدموع والأحزان على الرئيس الراحل. ومات السادات فكتب كتابه (خريف الغضب) واستعان بكل شياطين الجن والإنس ليثبت كذباته الكبرى في أصل السادات وفصله وأهله وذكائه وقدراته المحدود في الحرب والسلم والمفاوضات. ومات الملك حسين فكتب عنه ما أساء للملك المرحوم ذاته ولأبنائه وللأردنيين بشكل عام، ولم يحرك ذلك شعرة في رأس الحانوتي الكبير. ومات كثيرون من الساسة والإعلاميين، العرب والعجم والغربيين، فروى عنهم هيكل، بعد دفنهم، أطنان المقالات والكتب والأحاديث التلفزيونية التي باعها بملايين الدولارات. هو إذن مصنع كبير وذكي لبضائع الكذب وأنصاف وأرباع الحقائق، فمن جانب لا يجاريه أحد في غزارة إنتاجه ومن جانب آخر لا يستطيع أحد أن يسأل من في القبور عن صحة ما ذكره في هذه المقالة أو ذلك الكتاب وذلك البرنامج. ذكاؤه، أيضا، جعل كثيرا من الناس في مصر، والعالم العربي كله، يحيطيونه بهالة من قدسية الكاتب الصحفي الكبير والأستاذ والمعلم الذي لا يجوز أصلا أن يناقش أو يسأل عما يقول. وطالما أنه أصبح محرابا أو نصا مقدسا في نظر الكثيرين فإن ذلك فتح أمامه أبوابا، ربما لم تكن حتى في حسبانه هو، ليكثف رواياته ومنقولاته الملفقة، والمصفوفة بعناية واحتراف كبيرين، عن ساكني القبور. في كتابه (هيكل يبحث عن فرعون) يلفت الصحفي والكاتب المصري أيمن شرف نظر المصريين ونظرنا إلى ملاحظة سمعها، أثناء إنجاز مادة الكتاب، من منظرٍ وأستاذ في العلوم السياسية كان قريبا من الحزب الوطني المنحل ومن دوائر أمنية مهمة. يقول شرف: «دار (مع هذا المنظر السياسي) حديث حول مشروع الكتاب فسارع الرجل بجرأة لا أحسده عليها بإصدار حكم.. قال: ماذا يعني أن ترصد تناقضات هيكل.؟ لو بحثت في تاريخ أي سياسي أو صحفي ستجد تناقضات. المهم أن تبحث عن مصالحه».. وبرغم تحفظات مؤلف الكتاب على ما سمعه، إلا أن هذه هي الحقيقة. حقيقة أن محمد حسنين هيكل ليس ملاكا ولا قديسا ولا منزها عن المصالح. وأظن أن ما سيكتب عن مصالحه الشخصية والعائلية بعد وفاته سيحمل كثيرا من الحقائق وقليلا من الزيف، بعكس ما كتبه هو عن من سبقوه إلى الموت.