ارتفعت أسعار النفط في تعاملات يوم الجمعة، بفعل آمال بحل محتمل لأزمة ديون اليونان ومع تعافي الأسهم الصينية, وفي حين طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فكرة تأسيس اتحاد طاقة ضمن مجموعة «بريكس» اعتبر وزير التنمية الاقتصادية الروسي أليكسي أوليوكايف ان لا مؤشرات تدعو لتعديل توقعات أسعار النفط في المستقبل القريب معربا عن قلقه من تذبذب أسعار النفط. وقدمت اليونان اقتراحا جديدا إلى دائنيها، مما بعث آمالا بأن الجانبين قد يتوصلا إلى اتفاق في مطلع الأسبوع القادم. وفي الصين قفز المؤشر الرئيسي للأسهم بأكثر من 5%، موسعاً مكاسبه من الجلسة السابقة بعد أن اتخذت الحكومة إجراءات لوقف موجة هبوط حاد فقدت فيه الأسهم الصينية 30% من قيمتها منذ يونيو/ حزيران الماضي. وصعدت عقود النفط الأمريكي لأقرب استحقاق 56 سنتا إلى 53.34 دولاراً للبرميل بحلول صباح الجمعة بتوقيت غرينتش، رغم أن الأسعار تبقى منخفضة 6% عن مستويات الإغلاق يوم الجمعة الماضي. وارتفعت عقود خام برنت 59 سنتا إلى 59.20 دولارا للبرميل، لكنها ما زالت أقل بنسبة 2% عن نهاية الأسبوع الماضي. وكانت صحيفة «لوموند» الفرنسية قد اعتبرت أن الوضع الصعب في البورصة الصينية قد يؤثر سلبا على الاقتصاد والوضع المالي للدول الغربية واسعار النفط العالمية, وكتبت تقول الخميس أن «الوضع في الصين يسبب قلقا بين ممثلي النظام المالي الدولي. إن الغرب قلق من تأثير تلك التقلبات الكبيرة في الأسواق الصينية والأزمة التي يشهدها القطاع العقاري. ولا يمكن استبعاد حقيقة أن الصدمة المالية القادمة لن تأتي من أثينا، بل من شنغهاي». وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن «الزلزال المالي والاقتصادي قد يضرب الاقتصاد الألماني ويلحق بالأزمة اليونانية القائمة». وأضافت أن السلطات الصينية اتخذت «تدابير قاسية» من أجل تطبيع الوضع. ومن الجدير بالذكر أن خسائر بورصة شنغهاي للأوراق المالية خلال منتصف حزيران/ يونيو شكلت حوالي 3 تريليونات دولار، وبالرغم من أن الوضع في الاقتصاد الصيني مازال مزدهرا، إلا أن الأسابيع القليلة الماضية تدعو إلى القلق. ولفتت الصحيفة الانتباه إلى الوضع غير المناسب في الاقتصاد الصيني، إذ أن توقعات نمو الناتج المحلي سيشكل أقل من 6.8%، وهو أدنى مستوى في البلاد منذ عام 1990. وتعيد صحيفة «لوموند» أسباب تراجع وتيرة التنمية إلى الأزمة في سوق العقارات، الأمر الذي دفع أصحاب رؤوس الأموال إلى استثمار الأموال في سوق الأوراق المالية التجارية، الأمر الذي ادى لارتفاع معدل التقلبات في البورصات والأسواق، ومن الواضح أن السلطات الصينية غير قادرة على الوقوف في وجه هذا التدهور. وفي روسيا, رأى وزير التنمية الاقتصادية الروسي أليكسي أوليوكايف أن الوضع في أسواق النفط متذبذب للغاية، الا انه أكد عدم وجود مؤشرات تدعو لتعديل الوزارة توقعاتها بشأن مستويات أسعار النفط. وقال في إطار قمة منظمة شانغهاي للتعاون في أوفا عاصمة جمهورية بشكورتوستان الروسية الجمعة 10 يوليو/ تموز: «إن الوضع في سوق النفط متقلب، فبعد تراجع الأسعار خلال الأيام الماضية، نلاحظ ارتفاعها يوم أمس واليوم حيث بلغت الأسعار هذا الصباح 59 دولاراً للبرميل... أعتقد أن هذا التقلب سيستمر». وأعاد أوليوكايف إلى الأذهان أن الوزارة بنت توقعاتها للعام الحالي على أساس أن سعر الخام سيكون عند مستوى 50 دولاراً للبرميل، لذلك لا توجد ضرورة لإعادة النظر في التوقعات في ظل الأسعار الحالية. ومنذ شهر يونيو/ حزيران 2014 هبط سعر خام مزيج برنت من حوالي 115 دولارا للبرميل ليصل إلى 60 دولارا للبرميل في شهر يوليو/تموز الجاري. يشار هنا إلى أن العقود الآجلة لسعر مزيج «برنت» تسليم شهر أغسطس/آب سجلت بحلول الساعة 9:14 بتوقيت غرينتش، قراءة عند مستوى 59.16 دولاراً للبرميل، مرتفعة بنسبة 1.04%. وفيما يتعلق بالعقوبات الغربية والعقوبات الموازية الروسية، قال وزير التنمية الاقتصادية الروسي إن العقوبات حفزت اهتمام أعضاء بريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب إفريقيا) بالسوق الروسية. وأوضح أن الحظر الذي فرضته روسيا على استيراد عدد من المنتجات الغذائية أدى إلى ظهور حصص في السوق الروسية غير مشغولة الأمر الذي أعطى فرصة لشركائنا لزيادة صادراتهم إلى سوقنا. ويذكر أن روسيا فرضت بتاريخ 7 أغسطس/ آب 2014، حزمة من العقوبات الموازية ردا على عقوبات الولاياتالمتحدة وأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي والنرويج، وتضمنت هذه العقوبات حظرا لمدة عام كامل على واردات هذه الدول إلى روسيا من الفواكه والخضروات ومنتجات الألبان واللحوم. كما قامت الحكومة الروسية بتاريخ 24 يونيو/ حزيران 2015 بتمديد العقوبات الموازية لمدة عام آخر، بعد قيام الاتحاد ا لأوروبي بتمديد عقوباته بحق روسيا. كما أشار أوليوكايف إلى أن مستوى سعر صرف الروبل الحالي قريب من قيمته الأساسية، مما يشير إلى أن فرص ارتفاع وتراجع العملة متساوية تقريباً. وقد استضافت مدينة أوفا الروسية خلال الفترة من 8 إلى 10 يوليو/ تموز الجاري قمتين دوليتين لمجموعة «بريكس» ومنظمة شنغهاي للتعاون، علما أن روسيا تترأس هاتين المنظمتين هذا العام. من جهة ثانية , قال وزير التنمية الاقتصادية الروسي, إن الاتفاقيات التي عقدت في إطار مجموعة «بريكس» لا تتعارض مع قواعد منظمة التجارة العالمية.وأكد أوليوكايف أن روسيا مهتمة خلال رئاستها لمنظمة «بريكس» هذا العام في تجهيز استراتيجية الشراكة الاقتصادية بين دول بريكس، كما أنها وضعت خارطة طريق لنحو 50 مشروعاً استثمارياً تم طرحها أمام زعماء دول «بريكس» خلال قمتهم في أوفا. وكشف أوليوكايف عن أن أغلب المشاريع المخطط لتنفيذها تندرج في مجال الاتصالات كمنظومة «غلوناس» الروسية للملاحة الفضائية. ولفت وزير التنمية الاقتصادية الروسي إلى أن مجال البنية التحتية هو المجال المستهدف في الدرجة الأولى للاستثمار فيه من قبل بنك «بريكس» للتنمية، كإنشاء الطرق والسكك الحديدية والموانئ والمطارات وشبكات الاتصال.وفيما يتعلق بالعقوبات ضد روسيا، أقر أوليوكايف بأن روسيا تواجه صعوبات في الوصول إلى أسواق المال العالمية بسبب نظام العقوبات التي فرضت عليها على خلفية سياسية، مشيرا إلى أن البنوك والمؤسسات المالية الآسيوية عوضت بعض الاستثمارات السابقة من قبل الغرب في الاقتصاد الروسي، وأن روسيا تعمل على الاعتماد على رؤوس الأموال الوطنية وحفز الاستثمارات داخل البلاد. وتناول أوليوكايف في معرض حديثه الأزمة التي تواجه اليونان وكشف عن أن أثينا لم تتقدم بأي طلب مساعدة من روسيا، ولم يتم بحث هذه المسألة مع السلطات الروسية، مضيفا أن موسكو يمكن أن تعرض على أثينا مقترحات تتعلق بالتجارة كتقديم ضمانات مالية للشركات التي تنوي العمل في إنشاء خط لنقل الغاز عبر الأراضي اليونانية. ومن جانبه, أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا باعتبارها رئيسة حالية لمجموعة «بريكس»، طرحت فكرة تأسيس اتحاد طاقة في إطار المجموعة التي تضم كلا من البرازيلوروسياوالهندوالصينوجنوب إفريقيا. وقال خلال اجتماع قمة ال«بريكس» المنعقدة في مدينة أوفا الروسية، إن الاقتراح الخاص باستحداث اتحاد الطاقة الآنف الذكر يندرج في إطار خارطة طريق لتنمية التعاون الاستثماري بين دول المجموعة، إلى جانب مقترحات أخرى. وأورد الرئيس الروسي، ضمن هذه الاقتراحات، إنشاء مركز أبحاث دولي في مجال الطاقة، وإقامة اتحاد لصناعة الميتالورجيا، واعتماد خطط تعاون تكنولوجي بين دول المجموعة في حقل إنتاج آلات طبية حديثة وأجهزة إلكترونية متقدمة وبرامج كمبيوتر متطورة.وقال إن عدد المبادرات والمشاريع التي يطرحها الجانب الروسي يصل إلى 50، داعيا زعماء دول المجموعة وخبراءها المختصين إلى تبادل الآراء حول هذه المقترحات لاختيار ما يمكن تطبيقه على مدى قريب وفي المستقبل المنظور. وجدير بالذكر أن الحصة الإجمالية لدول مجموعة «بريكس» تشمل أكثر من ربع الناتج المحلي على نطاق العالم، وحوالي 30 بالمائة من مساحة اليابسة، و44 بالمائة من عدد سكانه.