لا تكفيك الساعات المتثاقلة قبل لحظة الإقلاع لتقول شيئاً عن أي شيء، الوقت الذي تعرف فيه أن ثمة ما يجب فعله، ولكنك لا تعرف تحديدا ماهو؟! بالنسبة لشخص لا يُعتمد عليه، ومتورط بعدد لا بأس به من الأخطاء التي لا يعلمها، ولا يجيد تطبيق قناعاته جيداً، فإن مجرد استعدادٍ لسفر آخر عابر لا ينبغي أن يكون أمراً بتلك الصعوبة، ولهذا فكل ما أتمناه الآن هو ألا أملأ حقيبتي تماما، وألا أنسى شيئا. فالساعات المتثاقلة تصبح الأكثر وحشة حين تحين، تبدو كلحظة الخروج من حلم فوضوي، وبمجرد أن يبدأ النداء للرحلة ستكون الأمور جدية أكثر من أي وقت مضى، ستستغرق في التشبث بلامبالاة الناس من حولك، بينما سيبدأ ذلك الوقوف غير الواعي في ملئك بأسئلة من نوع " كيف يستوعبني هذا الفراغ ولا أستوعبه؟". وحتى في وجود ذلك المتسع الذي تعمدت تركه لأغراض محتملة، لن تكون حقيبتك التي اخترتها بشكل غير متوقع في اللحظة الأخيرة قادرة على تحمل مزيد من أفكارك، قد تعود أدراجك بسبب وزن زائد لتساؤلاتك، وعندها لن يختلف الأمركثيرا حين تتذكر شيئا قد نسيته، فقد نسيتك الرحلة بأكملها، وهي ليست الوحيدة التي فعلت ذلك على الأغلب. فكونك المستقر في سفره والعائد في مغادرته لا يبرر لك إضاعة الوقت في قول ذلك، صحيح ان أحداثك السنوية تظهرك بشكل جديد ولكنها ليست شيئا يستحق إخبار أحد به، أنت الوحيد الذي سيحفل باحتشادك في ذاتك، فكر ما هو الشيء الذي أنساك ذكر الناس أن تذكره، ولا تستفت فيك منهم أحدا. رحلتك اليوم، يمكنك تأجيل فكرتك القادمة للحظةٍ أقل برزخيةً من هذه، ضع أعباء انتباهك جانباً، لاتربط حزامك وتمسّك بلحظة الإقلاع نفسها، حتى وإن كنت لا تدري ما الذي تفعله على وجه التحديد، إفعله بحب وحينها ستعرف ما هو؟!.. دع عنك كل من مروا بك ليقرروا فيما بعد أنك لست جيداً بما يكفي، سافر فيك وكفّ الآن عن قول أشياء غريبة حول شخص ربما قد يكون نسي شيئاً، بينما يحاول أن ينسى كل شيء.