عرفت أنّي سأحبك، لا يهم شكل النهر حينها، والنهار، هندسة الحياة وانعطافاتها، صحوة النوارس على زرقة الأماني، حلم صياد، وصوت النهار في أزقة الذاكرة. قبل أن ألتقيك، عرفتُ أنك انكشاف أثر، سر العبور الأشهى، حرقة الوجع أو لذته، إدمان الصوت الممهور في الصمت، ما تبوح به الشهقة في لُجة الإنصات. بين لقائي وحُبك، جبين وإصبع، وأشواق ضالة، لغةٌ تخلق بين كفين، وجل المارين وقلق الجسور، وضجيج المعاطف، وعجل القطارات، وحبكة الفصل الأخير للفتيل الذي اشتعل.. بين قلبي وقُربك، قلادة ناعسة لنبيّ يُصلب على أضلاع صدري، يسند انحناءته على يقين الرؤى، تعالى الألم المغيّب في تفتق جناحيه، خلف القلادة مسّ أصابعك في هدوء الوشم، في التصاقِ اسمك بجسدي، في عاصفة لا تدرك هولها أنت.. يدي صعلوك عاشق يسكن الليل ويبوح للطرقات مباغتة الحبّ ويقطع عليك حلم عبورك دوني..إصبعي الذي يخرج عن طوعي ويبحث عن نافذةٍ يرتقيها، عن عينيك يضيع فيها،عن ليلةٍ يؤكد فيها انجلاء الغيب المشتهى.. إصبعي الذي ينهض عن وجع الفقد ويسلك في وحدة الحنين طريق اسمك النابت في خفقي، شجرة اخترقت قلبي، وتدلّت أبعد من جرحٍ يتلذذ باحتراقه. الشجرة التي تفيض عن أغصان تتمدد وأوراق تهمس بأزيز الصوت، أخبئها تحت قميصي الثمين، قميص لم يُخلق للمس، بل لترقى في دهشته الشهقة وتضل على مفارقه النظرة المُعلقة في رعشة الفرجة، تفضحني رائحة اخضرارك، إصبع متعب، يعبر مدن الملح الممتدة من عيني، حتى سطوة اسمك. بين حرفي ورائحتك.. رقصة ناحلة، لشتات تلملمه ثورة الخزامى، بيدٍ من شوق وظل متيم يحيك قصص هوانا في مسرح الصمت.. افرد لي صوتك، وانسَ ظلّك الملقى على غيهب روحي، انسَ الخدش الذي يثيره فيّ، كلّما عصفت بَحَتُك في حسي.. كلّما فاضت أنهر ونجوم وتجلّى الماء يؤلّب في أغنيتي لون الغرق، كلّما سقط الوالهين وثمل الحزانى وانتفض البكاء في رمش سمهري، كلّما صفّق المنفيين وهتف الوهم :أنا وطنك لو تقولي للماء، للطين، للسماء، للرائحة، للتعدي، والخوف، والوحدة، والحنين: أُحبّكَ. لبعتُ أشرعتي وقصصتُ أجنحتي وشذّبتُ حلمي..لأرسلت الفرح على صهوة الريح طفولة في عينيكِ لا تشيخ، تشبه قلبك وضحكتك وانهيارك.. لقطفت عنق الشلال وأسكنته وجنتيك، وكلّما توهج البلور؛ انصبّ على ذهولي القلق، وارتبك خوفي يشاغب غواية السقوط من أعلى حتى لحظة غيابي في ثورة الأوكسجين المشدوه على فمي واندلاق العسل. بين الحياة والموت......... أنت. هل وأدتُ دهشة وجودك؟ متى ألتقيك سأعرفك. * كاتبة سعودية.