عندما يرحل عن دنيانا رجل كريم المحيا، نبيل في صفاته وشهامته فإننا نفقد إنساناً غادرنا بجسده ليبقى ذكره وسيرته على كل لسان، والفقيد عبدالرحمن بن محمد المانع - رحمه الله - المعروف بلقب (محال) الذي غادر دنيانا قبل بضع سنوات لا تزال ذكراه العطرة وسيرته النبيلة على كل لسان فحيثما يذكر الكرم يذكر الفقيد، وحيثما تذكر الشهامة يذكر الوجيه الراحل عبدالرحمن المانع - غفر الله له- وهو الذي اشتهر بصفات الكرم والشهامة، والفقيد والد شهيد الواجب الرائد طلال المانع - رحمه الله- الذي قدَّم نفسه فداءً للوطن عام 1425ه في محطة أم سدرة القريبة جداً لنقطة أم سدرة الأمنية البوابة الشمالية لمنطقة القصيم. إن للراحل عبدالرحمن المانع - غفر الله له- سيرة حسنة لا يزال الناس يذكرونها بمزيد من الإعجاب والتقدير، فقد ذكر أحدهم قصة إنكار الذات التي تنازل خلالها عن زواجه بفتاة تقدَّم الفقيد لخطبتها وسلَّم أهلها مهرها بعد أن وافقوا على الزواج بها أما لماذا تنازل فذلك في غاية العجب، حيث طرق بابه ابن عم الفتاة وقال له إنك تقدَّمت لابنة عمي وأنا أرغب بها وترغب بي ولكن ضيق حالتي المادية وقفت دون زواجي منها فقام الفقيد - رحمه الله- وذهب معه لأسرة الفتاة وأعلن تنازله عن خطبة ابنتهم وأن المهر الذي سلّمه لهم هو من حق هذا الشاب الذي هو ابن عم الفتاة، وأضاف عليه منحة أخرى, أما سليمان المانع ابن الفقيد فيروي موقفاً يقول فيه إن مضافة والدي التي كانت تقع مكان مدرسة خالد بن الوليد في حي الضبط من أحسن المضافات وهي عبارة عن ديوانية كبيرة وكان الملك سعود - رحمه الله- سيقوم بزيارة لمدينة عنيزة فأرسل أمير عنيزة في ذلك الوقت خالد السليم - رحمه الله- إلى والدي يطلب منه المضافة للاحتفاء بالملك سعود - رحمه الله- فرحب والدي بذلك وأعلمهم أن كل ما هو موجود فيها تحت تصرفهم, لقد كانت تلك الديوانية ولا تزال رمز كرمه وشهامته، حيث فتح أبناؤه من بعده الديوانية ليستمر الكرم والسخاء الذي رسمه والدهم الفقيد عبدالرحمن المانع - رحمه الله- منهجاً يسيرون عليه، وعنوان أسرتهم أولاً وأهالي عنيزة عموماً، وتقع الديوانية الآن في حي النزهة على طريق الملك عبدالعزيز، وللفقيد ستة عشر من الأبناء، هم: عبدالعزيز- سليمان - أحمد - فهد - يوسف - خالد (متوفى) - محمد - مانع - عبدالله - مساعد - طلال (شهيد الواجب) - تركي - سلطان - نايف - فارس - نواف. إلى جانب أخواتهم وشقيقاتهم من البنات، لقد كانت شهرته بلقب (محال) عميقة جداً في حياته وكنت أظن أنه من العيب أن أقولها لهم فقال أبناؤه لا تعجب من اللقب فقد كانت شهرة والدنا بهذا دليلاً على أن يعرفه الناس بها وقد كتب هذا اللقب في حفيظة النفوس (التابعية) التي كانت تقوم مقام بطاقة الأحوال أو الهوية الوطنية، بل إن الأبناء من شدة افتخارهم بهذا اللقب وضعوه بجانب اسم والدهم في لوحة عند مدخل الديوانية كتب فيها (ديوانية عبدالرحمن بن محمد المانع (محال) رحمه الله).. غفر الله للفقيد عبدالرحمن بن محمد المانع ورحمه رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وبارك الله في أبنائه بما يحملونه من طيبة والدهم وكرمه وشهامت، سائلاً الله تعالى أن يتغمد المتوفين منهم وأن يسكنهم فسيح جناته والله الموفّق.