هو طالب في الصف الأول الابتدائي للتو بدأ يتعرف على مسميات الأشياء والشخوص. مضت شهور الفصل الدراسي الأول ووالدته تحاول عبثاً إقناعه بأن معلمه في الصف أستاذ ينبغي أن يُنادى بهذا اللقب، وأن مسمى مدرب لا يكون إلا لذلك المعلم الأول الذي التقاه في النادي الرياضي يعلمه فنون الكاراتيه منذ ثلاثة أعوام، ثلاثة أعوام كانت كفيلة أن تجعل لقب المدرب وسماً لكل من يعلمه فناً جديداً في الحياة.. فاجأها يوماً، وهو يدخل عليها مضيفاً إلى وصف معلمه بالمدرب الشيخ: قائلاً: المدرب الشيخ أعطانا اليوم سورة الانشقاق، وغداً أشارك بها في المسابقة المنهجية.. - عفواً الشيخ!! هل تغير معلم الصف؟ - لا.. لا ما يزال مدربنا رجب. - ومتى استشيخ؟! - اليوم يا أمي حضر، وقد ارتدى شماغاً كالذي يرتديه المدير، وقال لنا: من اليوم نادوني بالشيخ رجب!! وبلهجته الطفولية أضاف متوسلاً لأمه: ماما يكون مدربنا شيخاً أحسن عشان الشيخ حافظ القرآن، وما نردد مع الجوال!! - وهل يفعل ذلك الشيخ رجب؟! - اممم لا لكن هو اليوم أول يوم شيخ وكلها كم يوم ويصير مثل الشيخ إمام الحرم ويقرأ من نفسه... هكذا انتهى الحوار بين الطفل وأمه.. في نفسها أسئلة مستثارة منذ زمن، عن شباب في سِن المراهقة قصروا ثيابهم وأعفوا اللحى واستشيخوا،، ما تزال تطرد تلك الصور من ذهنها وقد تربت على تقديسها عمراً، لكن ما ذنب طفلها هل سيعود هذا الفكر من جديد مهدداً له ولجيله.. بأي صفة منحوا هذا اللقب.. وأي جهة خولتهم امتلاكه؟! ثم ماذا يعني أن يستشيخ المعلم بين عشية وضحاها، وما الصورة التي تخيّلها لنفسه بعد تغيير حلته، أو ما الصورة التي يتوسم تغييرها في الأطفال بهذه الهيئة؟! لا أستبعد مطلقاً أن تكون هناك مدارس تتبنى فكراً معيناً، وتحت وطأته اضطر المعلم المدرب الشيخ مؤخراً أن يغير هيئته استرضاء لإدارة المدرسة أو ملاّكها، لكن في المقابل حق لي أن أخشى أن يكون هذا المستشيخ صاحب فكر يسعى إلى زرعه في تلك البذور المُهيأة بين يديه، ما الضير في أن تكون هناك اختبارات فكرية يخضع لها القادمون للتعليم في مدارسنا وجامعاتنا ومعاهدنا، خصوصاً أن الغالب اليوم قادم من مناطق الصراع الفكري والدموي، ألسنا نخضع خريجي جامعاتنا ومعاهدنا الدينية لاختبارات ومقاييس، وهم في الأساس مكوناتنا؟ ويكفي في ختام الحديث عن المعلم المدرب المستشيخ أن أورد طرفاً من تفسيراته للنص القرآني: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} نزلت هذه الآية في المرأة التي تؤذن؟!!!!