انطلقت عجلة العمل بشكل متقن مع المخرج عامر الحمود الذي يجول بفريق عمله بين بيروتولندن وبعض دول الخليج العربي، ليقدم مسلسلاً سيعتبر من بين الأعمال المهمة التي ستعرض على شاشات التلفزة العربية خلال شهر رمضان، لما فيه من قيمة فنية. فهو مسلسل غير اعتيادي ليس لعناصره، بل لأهمية كاتبه كونه نصاً لرواية «سبعة» للأديب السعودي الراحل الدكتور غازي القصيبي الذي كتب روايته حين كان سفيراً للملكة العربية السعودية في لندن، وجال بوقائعها على بعض الخفايا من خلال شخصيات عربية مختلفة، أحداثها بطريقة أدبية فلسفية، أعطت وضوحاً لبعض المتغيرات بسير الحياة، ولكنها لا تتغير مع مرور الزمن. رواية «سبعة» استفذت الأنتاج في قناة روتانا خليجية، وكذلك الأمر مع المخرج عامر الحمود، تمكنت من إخراجه من اعتكافه ليعود خلف الشاشة قائداً لمجموعة ممثلين من عدة أقطار عربية في عملية تنقيب عن احداث المتقاربة مع واقع مرير. في تغطية لعملية التصوير مسلسل «سبعة» التقت «الجزيرة» المخرج السعودي عامر الحمود وحاورته حول ظروف وبنية العمل الدرامي الجديد الذي سيعرض خلال شهر رمضان على شاشة روتانا خليجية. وعن الرواية تغير محور الشخصيات في محاولة لإخفاء حقيقتها، علماً أن الراحل د. غازي القصيبي كاتب وشاعر مواجِه، قال الحمود: «كتب القصيبي في مقدمة روايته «السبعة» كلاماً كثيراً منها: «ممكن أن تكون هذه الشخصيات غير موجودة في الواقع، وإن كانت موجودة فهي حقيقية»، فهو هكذا لا ينفي وجودها. وعندما سيراها الجمهور سيقربهم إلى بعض الأشخاص. وأضاف: «ولكن بالنسبة إلينا لم نقل أسماء الأشخاص لأنه لم يقدمهم باسمائهم ولكن قام بدلالات، وحرصنا في هذا العمل ألا نلعب بالرواية بل حاولنا تقديمها كما هي، فالرواية جريئة جداً وتبحر في أعمال هذه الشخصيات. فالقصيبي قام بتعريتهم وطرحهم بشكل فاضح، لذا لا نحتاج لإضفاء شيء لأن الحدث الدرامي للشخصيات موجود ولا نحتاح سوى لإعداد الرواية كنص تلفزيوني.. وقام بكتابة العمل إلى 15 حلقة فقط هوزان عكو الذي أضاف شيئاً من نفسه فيها، ولم نمدده إلى 30 حلقة لكي لا يكون مملاً». وعن جنسيات المسلسل قال: «الرواية ليست سعودية ولا يوجد فيها شخصيات سعودية فقط، بل تضم عدة جنسيات لأشخاص كانوا يعيشون في لندن في فترة تولي غازي القصيبي منصبه كسفير المملكة في بريطانيا. لم نلتزم بالجنسيات بالقدر الذي التزمنا به بأبعاد الشخصية نفسها، فرجل الأعمال مثلاً سعودي واسمه حربي الحرايبي، يقوم بدوره الممثل راشد الشمراني، وكذلك الشاعر الحداثي سعودي ويقوم بدوره محمد طويّان، أما العرّاف بصير، فهو عراقي ويقوم بدوره باسم قهار، فيما السياسي اللبناني يقوم بدوره شربل زيادة، وعميد كلية الفلسفة لبناني أيضاً ويقوم بدوره فادي إبراهيم، ومن سورية يقوم بدور رئيس التحرير تيسير إدريس ويمثل شخصية صحافي فلسطيني، والطبيب النفسي أنور يمثله ميلاد يوسف، أما المذيعة فهي جيني إسبر.. بالإضافة إلى شخصية رافع وهو شخصية محورية من خارج الشخصيات السبع، وتلعب على كل الأبعاد، يقوم بدوره مجدي مشموشي، بالإضافة إلى الممثلة جيسي عبدو والتي تكون ضحية السياسي، بالإضافة إلى شخصيات كثيرة متداخلة. فقد جاء اختيار تركي شبانة لرواية «السبعة» لبثها على قناة روتانا خليجية بصياغتها وعرضها عليّ وجدتها تشبه الواقع مع أن القصيبي كتب الرواية في الثمانيات من القرن الماضي، وتنطبق على الوضع الحالي حيث ضاعت مبادئ الإنسان، فعندما يتحرك المال تضيع المبادئ. والشخصيات الموجودة هم رجال مال، ففي الرواية أظهر ما تملكه كل شخصية من مال. وأوضح في رده حول تقبّل المشاهد لطرح المباشر للرواية، لأن الصورة قد تختلف عن النص، فقد تحتاج إلى تغيير: «نحن محافظون في المشهدية إلى أبعد الحدود، إلا أننا لا نستطيع أن نضحك على عقلية المشاهد في ظل الثورة الإلكترونية ولا نستطيع أن ننقل له واقعاً ما بطريقة خطأ، حتى لو كان بشكل مرير، وقد تتجاوز مسألة الملابس، فهناك معاناة لبعض الشخصيات، وبعضها غير سوي، لهذا لدينا بعد أهم يجب أن يراه المشاهد. مثلاً لا يمكن أن نظهر فتاة هي لعبة للرجال أن تكون محتشمة. فهناك أحداث تفرض علينا شكل ومكان الشخصية، وحاولنا أن ننقل الشخصية بشكلها الحقيقي ليكون لا يكون هناك فارق بين الشكل والمضمون بل فيها تقارب مع واقعها». فيما قال عن قبول بعض المحطات الخليجية الطرح الواضح من مسلسلات عربية (لبنانية - سورية - مصرية) ورفضها في أعمال خليجية: «هذا العمل ساعدنا كونه عمل عربي وليس سعودي مع أن كاتب الروايو سعودي، حتى أحداثه متنقلة بين لندنوبيروت الخليج، وهو عمل عربي وقد سماه القصيبي «عرب ستان» لأن كل الشخصيات تمثل العالم العربي، فعندما نأتي بشخصية رجل أعمال سعودي هذا لا يعني أنه لا توجد شخصية رجل أعمال عربي مثله، فطرح الشخصية السياسية غير مقتصرة على شخصية اللبناني، بل هي موجودة في كل العالم العربي، فالشخصيات تمثل كل البلدان». وعن عدم تغييره للنص إنما اضطراره لتغيير الأحداث، قال الحمود: «تحويل الرواية لنصنع منها مسلسل تلفزيوني يضطرنا لإضافة بعض الأمور ولا نقدمها هي نفسها، فأمامنا خياران: أما الخروج عن الإطار الأساسي للرواية والبحث في أمور أخرى، أو أن نحافظ على الخطوط نفسها ونطورها. فعندما نتكلم عن الجانب السيئ في شخصية في خط ما، علينا تطوير هذا الخط دون أن نحمّله أعباء وأحداثاً أخرى». وأضاف في السياق نفسه: «اكتشفنا عن أن الشخصيات هي نفسها، ولكننا تكلمنا في الأحداث عن واقعنا اليوم، ولم نجد صعوبة، ففي الماضي كان هناك اغتيالات والآن صار هناك اختطاف وتفجيرات، فقد تطورت المسألة حسب الوقت ولم تختلف، العدوانية واحدة والسلوكيات واحدة ولكنها اختلفت في سياقها فقد صار هناك إخفاء للمعارض أو خطفه دون أن يعرف من أخذه، من أيام زمان كان الشخص يدفع للبصار مليون جنيه الآن صار يدفع خمسة مليون جنيه». وعن عودته إلى الدراما بعد غياب أكثر من أربع سنوات أوضح الحمود قائلاً: «للأمانة بعد توقف أربع سنوات استفزتني رواية ال(سبعة) عند قراءتها، بالنسبة لي كفنان أبحث عن رصيد، وعندما يكون في سجلي العملي رواية للدكتور غازي القصيبي يكون مكسباً جيداً بالنسبة لي إنجاز».