دار حوارٌ بيني وبين أحد المسئولين قبل عدة أيام، حول بعض الآراء التي طرحتها بخصوص مجموعة من الخدمات الحكومية. وكان المحور المهم في هذا الحوار: - «تراك قسيت على الرجال، والله ما يستاهل»! ومفهوم القسوة لدى هذا المسئول، هو أنك قلت كلمة حق عن رئيسه، ولكي يتجنبَ أيُّ كاتب من الوقوع في هذه القسوة، يجب أن يملأ عمودَهُ بعبارات الثناء والمديح التي لا يستحق هذا الرئيس أياً منها، وأن يعتبر كلَّ السلبيات التي تقع، مجرد اجتهاداتٍ له فيها أجر! أعرف مسئولاً كان يعمل في قطاع ما، وكان لا ينفكُّ ينتقدُ كلَّ القطاعات الأخرى، باستثناء القطاع الذي يعمل فيه. وعندما انتقل من هذا القطاع إلى قطاعٍ آخر، اعتبرَ كلَّ ما قاله سابقاً عن «معزبه» الحالي، مجرد ترهات، وأنه كان مغيَّباً عن الواقع، ولذلك جاءتْ أحكامُه مشوّهة ولا تمتُّ للواقع بصلة! ومثل هؤلاء الناس، يعتبرون الإشارة إلى سلبيات القطاعات التي يعملون فيها، عبارة عن تجنٍٍ لا معنى ولا مبرر له، وأنه أكيد «فيه موقف شخصي بينك وبين الوزير». إن الجبهاتِ التي يفتحها المجتمعُ على الكاتب، قد تكون في بعض الأحيان، محبطةً ومعوّقة للاستمرار. فمن جهة، يطالبه المواطن بمواجهة القطاعات الحكومية والأهلية بأخطائها بكل جرأة. ومن جهة أخرى يتهمه بعض المسئولين بعدم الحيادية وبخلط الشخصي مع العام. ومن جهة ثالثة قد يتجاوزُ طرحُهُ الحاد على قطاعٍ فاسد، معاييرَ النشر في الجريدة، مما يزعجُ رئيسَ التحرير. ومن جهة رابعة، قد يُغضبُ المقالُ بعد نشره شخصية ما، ف «تتطربق الدنيا على رأسه» ورأس رئيس التحرير!!