يتفق الجميع على أن «الوقاية خير من العلاج» وينطبق ذلك المبدأ على جميع الأمراض والمخاطر الصحية التي قد يتعرض لها الفرد أو المجتمع. ولكن الحقيقة المجردة تؤكد أن هذه القاعدة تكون أكثر وجوباً ولزوماً عندما نتحدث عن الأمراض الوبائية والتي تتجاوز الأضرار الناجمة عنها الفرد المريض إلى المجتمع بأسره، فضلاً عن خطورة مضاعفات هذه الأمراض ومنها مرض الدرن أو الصدري أو السل كما يعرف بين الناس، وذلك لسهولة انتشار العدوى بهذا الداء الخطير، والذي تسببه بكتيريا تسمى (المتفطرة السلية)، والتي ربما لا تستجيب أنواع منها للعقاقير واللقاحات، وهو ما يعرف بالدرن المقاوم للعلاج ويضاعف من مخاطر هذا الداء ما يشهده عالم اليوم من سهولة السفر والترحال بين الدول، وما يترتب على ذلك من تزايد احتمالات انتقال العدوى، حيث يعاني أكثر من 2 بليون شخص في دول العالم من الدرن. ولأن الوقاية خير من العلاج تتضح أهمية تفعيل إجراءات مكافحة العدوى بالدرن بدء بالتطعيمات للمواليد بعد الولادة، مباشرة وإتباع العادات الصحية والتي تشمل التهوية الجيدة والابتعاد عن المناطق المزدحمة واستخدام المناديل في حالة السعال أو العطس، وصولاً إلى تطوير آليات الاكتشاف المبكر لحالات الإصابة بالدرن من خلال التشخيص الدقيق والاختبارات المعملية ومناقشة كل جديد في مجال علاج الدرن، وتطبيق إجراءات مكافحة العدوى بين المخالطين للمرضى أو القائمين على رعايتهم في المنشآت الصحية. وهو الأمر الذي تبنته وزارة الصحة من خلال برنامج مكافحة الدرن والذي حقق نتائج ممتازة تتجلى في تراجع عدد الحالات المسجلة في جميع مناطق المملكة ومنها منطقة الرياض بصورة مستمرة تقترب من مثيلاتها في أكثر الدول تقدماً. إلا أن هذا النجاح لا يجب أن يشغلنا عن ضرورة استمرار وتكثيف جهود مكافحة الدرن ولاسيما أن بلادنا تستقبل كل عام ملايين الأشخاص الذين يفدون إليها من جميع دول العالم سواء للحج والعمرة أو العمل، مقابل الملايين من أبناء المملكة الذين يسافرون للخارج للدراسة أو السياحة أو التجارة، والذين قد يكونوا طريقاً لانتقال المرض. وهنا تتضح أهمية تضافر كافة الجهود للتوعية بطبيعة مرض الدرن وأعراضه وطرق الوقاية منه، وهو ما دفع العالم لتخصيص يوم عالمي لهذا المرض لنشر الوعي وتعزيز التعاون بين الدول لمكافحته، لذا فمن الأولى أن تتعاون كل مؤسسات المجتمع في بلادنا المباركة لدعم جهود وزارة الصحة ومديريات الشؤون الصحية بالمناطق لمكافحة الدرن من أجل صحة أبناء الوطن والمجتمع بأسره. د. ممدوح بن فالح الثقيل - مساعد مدير عام صحة الرياض للصحة العامة