لا يختلف اثنان أن للشهرة بريقا على صاحبها وهي بمثابة المفتاح لقلوب العامة يدخل بها من أي الأبواب شاء، ولها انعكاس إيجابي على أهله وخاصته وكل من حوله، وكذلك يسري هذا الأثر الإيجابي للشهرة على بقية أفراد المجتمع فيما لو منح هذا المشهور جزءا من وقته لمن يحتاج للفتة كريمة منه، واعتبار هذه اللفتة من باب المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتقه وعليه يقع الوجوب وليس الاستحباب في القيام بها، وأنه ملزم بمثل ما منحه الناس صادق حبهم فعليه أن يمنحهم بعضاً من اهتمامه وتفكيره ويجعل ذلك أحد مؤشرات الأداء التي يقيس بها تفاعله مع مجتمعه وأهل الحاجة فيه على وجه الخصوص وهذا سيبقى له الوهج الصادق في مجتمعه، وفي قلوب أحبابه وندرك جميعاً أن هذا الإحساس هو زكاة الشهرة التي اكتسبها وزكاة محبة الآخرين له وإعجابهم به فالجزاء في نهاية المطاف من جنس العمل ومن قدم الإحسان كسب الحب فكيف بمن قدم الواجب واندفع له وعمل على تحقيقه بطيب نفس وإحساس بالأثر وشعور بالآخرين. ولأننا في المجال الرياضي وفي الصفحة الرياضية تحديداً، ولأن الحديث عن أمرين لهما تضاد كبير جداً بل واختلاف حقيقي في اللفظ والمضمون، فإن الرياضة والمرض لا يلتقيان إلا في المواقف الإنسانية التي يحسن بها صنعاً العديد من الرياضين عند مساهمتهم في زيارة المرضى أو معايدتهم بصفتهم الخاصة أو من خلال الجمعيات الخيرية واللجان الخاصة بهذا الشأن, ولجنة أصدقاء المرضى أحد تلك اللجان المعنية بالمريض المحتاج وزيارته وإسعاده كما نص على إنشائها الأمر السامي الكريم قبل 30 عاماً, وكذلك ما تساهم به الصحف الرياضية في هذا الجانب من زيارات في المناسبات العامة منفردة أو بالمشاركة مع رعاة الأندية أو تنظيم ذلك بمشاركة بعض اللاعبين ورؤساء الأندية وإدارييها وهو جهد مشكور دون شك ويسجل لهم بمداد من نور, ولكن هذا يأتي من باب الجهد الشخصي لمن تشكل المسؤولية الاجتماعية عنده هاجس يحفزه إلى أن يقوم ببعض المواقف الإنسانية لمجتمع يحتاج إلى ابتسامة ونظرة حانية ودعوة صادقة. ولأن على الأندية دورا كبيرا جداً في مجال المسؤولية الاجتماعية، وبالتالي على الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي تقود همنا الرياضي بكافة جوانبه فإننا نتساءل لماذا لم يتصدر هذا الدور اهتمام المعنيين بالرياضة, ولماذا أصبحت الماديات هي المحدد الأول لعلاقاتنا في هذا الوسط الذي نؤمن بأن وجوده ضرورة كي تكتمل الحياة معه, ولكن لماذا تركنا الدور الإنساني الذي أمرنا به ديننا الحنيف والمنبثق من العطاء الرياضي بسمو هدفه وتألق رسالته, أثق هنا أن ثمة خلل ينبغي الوقوف عنده كي نحدد صحة المسار الإنساني والرياضي الذي نسير فيه. والمشاهد يلحظ الآن كيف أصبح الحديث داخل أروقة الأندية الرياضية وسعيها المحموم إلى بيع عقد لاعب أو شراء آخر وكأن هذا هو ما خلقنا له وأن حضور عدد قليل من أصحاب الاحتياجات الخاصة للمباريات هو بمثابة ذر الرماد في العيون لمن يطالب بزيادة العمل الإنساني في الرياضة لمجتمع كان خير أمة أخرجت للناس ويفترض فيه المثالية في أمورها عامة وللمجالات الإنسانية خاصة. إن هناك مرضى ومن أهل الحاجات ينتظرون مواقف إنسانية رائدة من اللاعبين الذين تجاوزت صفقات عقودهم عشرات الملايين سواء بالتكفل بالعلاج أو رعاية مريض مسن أو شراء أجهزة طبية ومعدات وأدوية, أو التواصل مع مستشفيات هي في أمسّ الحاجة لأجهزة غسيل كلى, أو التكفل بمصاريف النقل من وإلى تلك المراكز مع شركات متعهدة, أو تقديم المساعدة المادية للمرضى عن طريق اللجنة أو مكاتب الخدمة الاجتماعية التي تجري دراسة مستوفية عن المرضى المحتاجين، أو شراء معدات وتجهيزات لطب الطوارئ أو إعادة تأهيل أماكن الترفيه لذوي الاحتياجات الخاصة، أو توفير احتياجات الطب المنزلي للذين يحتاجون فترة علاج طويلة من التمريض أو المساهمة في التثقيف الصحي خاصة للأحياء والمجتمعات الفقيرة, وتلك الرغبة لا تقتصر على اللاعبين وإنما نتطلع أن تفتتح عيادات بأسماء الأندية داخل المستشفيات ويمكن أن يتحقق هذا الأمل تحت رعاية وزرارة الصحة والرئاسة العامة لرعاية الشباب وللقارئ والرياضي الكريم أن يتخيل ردة الفعل في المجتمع إذا أطلقت مثل هذه العيادات وكيف سنحقق بها لحمة وتوافقا مثاليا داخل أطياف المجتمع ونثبت معها أن للرياضة جانبا مثاليا كريما وليس فقط ما يعتقد العامة أنها مضيعة للوقت والمال. ختاماً ,, إن المتطلع إلى الإيجابية الرياضية في مجتمعنا السعودي لن يقول إنها تسير عكس التيار مطلقاً لأنه يعرف أن أبناء هذا البلد هم أبناء فطرة سوية ولا يحتاجون سوى التذكير فقط ولن يتأخر أي منهم إذا وجد من يعلق الجرس ويضع التنظيمات المحققة لذلك في منظومتنا الرياضية وهذا هو دور الرئاسة العامة لرعاية الشباب والحاجة إلى أن يكون لها وكالة أو إدارة عامة للمسؤولية الاجتماعية تدفع بالعمل الإنساني المؤسسي إلى الإمام وتغير به الصورة الموجودة عن الرياضة التي أصبح المجتمع لا يندفع إليها لأنها تسير في اتجاهات لا تخدم إنسانية المجتمع بالإضافة إلى أنها كما قيل تأخذ الرياضي لحما وترميه عظما دون أن ترتب مستقبله معه فالشواهد المؤلمة كثيرة جداً وسناتي عليها في مقالات قادمة. لأن الشان الرياضي العام يحتاج إلى إنسانية الرئيس العام التي يثق الجميع أن مستقبلاً مشرفاً للشأن الرياضي سيكون معه ويتطلع المجتمع أن تتواكب المسؤولية الاجتماعية الرياضية مع ذلك الطموح وتحقق رسالة أخلاقية سامية لمجتمعنا.