أكملت الأزمة السورية عامها الرابع أمس الأحد، بعد أن خلفت وراءها كارثة بتشريد أكثر من نصف الشعب السوري، ووضعا مأسويا طبقا لتقارير المنظمات المعنية التي اعتبرت عام 2014 الأشد دموية في تلك الأزمة. ويهل العام الخامس على سوريا وقد انقسمت إلى طرفين «موال ومعارض»، وبلغ الشقاق بينهما إلى حد رفع علمين، وانقسمت الدول الإقليمية والمجتمع الدولي بين شرعية كل منهما.. فالغرب بقيادة واشنطن يناهض شرعية الأسد ومعهما معظم الدول العربية، وروسيا والصين وإيران داعمون للنظام السوري.. وبهذا تحول الوضع في سوريا إلى «حرب بالوكالة» بين الأقطاب العالمية والإقليمية المتنازعة على الأراضي السورية، إضافة إلى ظهور تنظيم داعش الإرهابي الذي دخل الأراضي السورية وبات طرفا في الأزمة. ورغم تكتم جميع الأطراف على حجم خسائرها إلا أن هناك بعض الإحصائيات التي تشير إلى فداحة الخسارة، فقد أعلن تحالف من 130 منظمة إنسانية وحقوقية أن سوريا تعيش في ظلام شبه تام بنسبة بلغت 83% منذ بدء الأزمة التي تحولت إلى حرب شاملة في البلاد قبل أربع سنوات، فيما أعلنت منظمة أطباء بلا حدود أن أكثر من 600 طبيب وعامل في المجال الطبي لقوا حتفهم بشكل منظم خلال النزاع المستمر على مدى السنوات الأربع، واصفة تلك العمليات بالجرائم ضد الإنسانية.وأعلن المرصد السوري، في آخر بيان له، أن عدد القتلى الذين سقطوا في سوريا منذ 18 مارس عام 2011، بلغ نحو مليوني قتيل وجريح، مشيرا إلى أن هذه الإحصائية لا تشمل مصير أكثر من 20 ألف مفقود داخل معتقلات قوات النظام وأجهزته الأمنية، كما لا تشمل مصير نحو 7 آلاف أسير من قوات النظام والمسلحين، وأكثر من ألفي مختطف، ومصير نحو 4 آلاف مختطف من المدنيين والمقاتلين في سجون تنظيم «داعش»، بينهم المئات من أبناء عشائر ريف دير الزور، الذين اختطفهم التنظيم من مناطقهم. وفي ضوء ذلك قدر المرصد عدد الذين لقوا حتفهم من المقاتلين من جميع الأطراف المتصارعة بنحو 85 ألفا وذلك بناء على الأرقام الموثقة لديه، مشيراً إلى أنه لم يتمكن من معرفة مصير نحو 40 ألف معتقل ومختطف وأسير. وفي رصده للإصابات أشار المرصد إلى أن أكثر من مليون ونصف المليون مواطن سوري أصيبوا بجروح مختلفة وإعاقات دائمة، وشرد أكثر من نصف الشعب السوري بين مناطق اللجوء والنزوح، ودمرت البنية التحتية والأملاك الخاصة والعامة. وبالطبع ألقت الأزمة بظلالها على الاقتصاد السوري الذي شهد تحولا استثنائيا في مؤشراته الكلية جراء الأزمة التي تمر بها البلاد، حيث تضررت الموازنة العامة والاقتصاد، وضوعفت الضغوط على شبكة الأمان الاجتماعي، وزادت من أعباء الدعم، ووسعت من نطاقه، على نحو عاد به قريبا من نموذج السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، رغم تغير اتجاهاته الأساسية. وتضرر كل شيء تقريبا في الزراعة السورية، بما في ذلك المحاصيل الإستراتيجية كالقمح، فقد كانت سوريا تنتج قبل اندلاع الأزمة نحو 3.5 ملايين طن سنويا من القمح وهو ما كان يكفى لتلبية الطلب المحلي، ويسمح بتصدير كميات متفاوتة من سنة لأخري، إلا أن هذا الإنتاج تدنى إنتاجه إلى الربع في العام الماضي، حيث كان متوقعا أن يبلغ حجم المحصول مليوني طن، ولكنه لم يتجاوز 600 ألف طن.