فاصلة: ((ربوا أبناءكم واعلموا أنهم خلقوا لزمان غير زمانكم)) -حكمة قديمة - لفت نظري من حديثي مع بناتي الصغيرات أن هناك بعض الأسر ما زالت تفصل الطفل عن عالمها، اعتقادا منها بأن فهمه قاصر بينما هي بذلك تدخله في دائرة القلق. كمثال تحدثني ابنتي الصغيرة وهي في المرحلة الابتدائية عن صديقتها التي تعيش في بيت جدتها بينما والديها كل منهما يعيش في بلد بمفرده وصغيرتي تستغرب مثل هذا الوضع الأسري!! وتحدثني عن صديقة أخرى لا تتحدث مطلقا عن والدها وتقول إنها لا تعرف حتى صورته. ربما القصة الأولى هي لوالدين منفصلين والطفلة لا تعلم والقصة الثانية لطفلة فقدت والدها بالموت أو الغياب وأيضا لا تعلم. ماذا نفعل بالصغار حين نقصيهم عن الحقائق؟ سواء انفصل الوالدان أو مات أحدهما من حق الطفل أن يعرف الحقيقة ومن حقه علينا أن تحتفظ ذاكرته بصور طبيعية عن والديه. إخفاء الحقائق عن الطفل تجعله يفقد الثقة في أقرب الناس إليه، في أسرته ومحيطه العائلي. البعض يعتقد أن إخفاء الحقيقة الصادمة عن الطفل أفضل له، رفقا بمشاعره بينما يمكن لنا ألا نصدم الطفل وندرج له الحقائق ونبسط إسلوبنا حتى يتفهم الحقيقة الصادمة ويعيشها. فهذا أفضل بكثير من أن يصطدم الصغير بأن من يحبهم كاذبون!! طلاق الوالدين مثلا حدث لا يمكن إخفاؤه عن الأطفال باختلاق أي من الأعذار الواهية لغياب أحدهما. الطفل صفحة بيضاء نحن من يكتب عليها وبإمكاننا أن نشرح له كثيرا من ظروف حياتنا الصعبة بهدوء، الحوار مع الأطفال والشفافية في التحدث إليهم يخلق في أنفسهم الثقة والقدرة على مواجهة المواقف الصعبة. ومن الحكمة أن يعرف الأطفال أن الحياة خليط من الفرح والحزن بأحداثها وليست طريقا مفروشا بالورود. ولسوف يفاجئنا الأطفال بوعيهم وقدرتهم على استيعاب الأحداث بكل ما فيها من صخب، هم على الفطرة السليمة علينا فقط ألا نلوثها.