قال تعالى {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ}... الآية. وقال تعالى {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ. وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} هذا هو حال هذه الدنيا الفانية التي نسمع ونرى أخبار الموت وتوديع الأهل والأصحاب والأحباب في كل يوم لا يخلو فيه أي جامع خصص للصلاة على المتوفين من إحضار الجنائز للصلاة عليها في رسالة ربانية لنا جميعاً للعظة والعبرة في أن هذا هو مصيرنا عاجلاً أم أجلاً، وفي كل خبر ولكل جنازة هناك من يكتوي لفراق هذا المتوفى فمن مات بحادث مروري، ومن مات بمرض ومن مات فجأة، وكما قيل تعددت الأسباب والموت واحد. قبل أيام وتحديداً السبت الموافق 12-4-1436ه تلقينا الخبر المؤلم المفجع في وفاة أخ عزيز وصاحب خلق رفيع أحبه كل من عرفه وذكره الجميع بالثناء حتى من لم يعرفه وسمع عنه إنه المهندس الشاب محمد بن راشد العطوي رئيس بلدية محافظة أملج الذي توفي إثر حادث مروري وهو عائد من مدينة تبوك لمقر عمله في محافظة أملج، كان خبر وفاته مفجعاً للجميع، كان في نفس يوم وفاته قد شارك في جنازة المتوفى حسين بن كريم العطيات رحمه الله وصلى عليه في جامع الدعوة في تبوك، وشارك في دفنه في المقبرة وقدم تعازيه لإخوة وأبناء المتوفى ليتم في اليوم الثاني الصلاة عليه رحمه الله في نفس الجامع الذي صلى فيه على جنازة المتوفى حسين كريم ويدفن في نفس المقبرة، هذا هو حال هذه الدنيا الفانية تجمعنا وتفرقنا، كان الفقيد قد اتصل بي قبل يوم من وفاته لأجل مقال له عن الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وعم خيرها أرجاء الوطن وأرسل المقال لي ونشر في صحيفة الجزيرة في اليوم الثاني، وفي نفس اليوم توفي الفقيد في هذا الحادث المؤلم، كان حضور الجنازة مهيباً من المصلين والمشيعين وهم شهود الله في أرضه على هذه الجنازة التي حضرها عدد كبير من أبناء محافظة أملج الذين قدموا لمسافة تتجاوز ال 500 كم لحضور الصلاة على جنازة رئيس بلديتهم والمشاركة في دفنه وتقديم التعازي لأسرته في مدينة تبوك، ولا أنسى ما شاهدته أثناء موارات الفقيد في قبره ذلك الرجل المسن الذي كان يحادثه اللواء متقاعد سعود أبو الحسن الذي على معرفة به وهو يقول هل حضرت لأجل هذه المشاركة فرد ودمعته تذرف نعم حضرت لأجله هذا الفقيد زارني في مرضي عدة مرات وقدم لي المعروف وكل أهل أملج يبكوه وفقدوه تواضعه أخلقه العالية مشاركته الجميع الأفراح والأتراح، كان لها الأثر في نفوس الجميع وله اسهامه في السعي في توظيف أبناء الأسر المحتاجة وله أياد بيضاء في العمل الخيري ومساعدة الأسر المحتاجة التي تكشف العديد من هذه الأعمال التي لم يظهرها لأحد، وظهرت بعد وفاته رحمه الله، كان الفقيد شديد التأثر باستشهاد العميد عودة معوض البلوي قائد حرس الحدود بمنطقة الحدود الشمالية الذي طالته يد الغدر من قبل إرهابيين قبل شهر حيث تربطه علاقة صداقة وأخوة مع الشهيد ومن تاريخ استشهاد البلوي وهو واضع صورته كعرض على الواتس في هاتفه الشخصي وعبارات التأبين لصديقه الذي كان قائداً لقطاع حرس الحدود في أملج ويقيم فيها. رحم الله الفقيد المهندس محمد راشد العطوي الذي مهما تحدثنا عن هذا الفقيد فهي جزء يسير مما نعرفه عنه والذي فقده أهالي أملج بل منطقة تبوك بأسرها نسأل الله أن يرحمه ويسكنه فسيح جناته وسائر موتى المسلمين و(إنا لله وإنا إليه راجعون).