فُجعت يوم الجمعة 30 شوال 1434ه بخبر وفاة الداعية والواعظ والمرشد الشيخ محمد الحميد، في حادث سيارة شرق مدينة بريدة، وهو متجه لصلاة الجمعة لإلقاء كلمة إرشادية هناك. ولمن لا يعرف أبا صالح فهو ليس وزيراً ولا تاجراً ولا مسؤولاً، ولم يفتخر يوماً بنسبه ولا قبيلته، أو علاقاته، أو أسفاره أو عقاراته أو مصانعه، أو يتباهى بماركة يقتنيها، أو سيارة يمتلكها، بل هو رجلٌ متواضع، واجه في حياته مصائب صحية ومالية وأُسرية، ولكنه صبر واحتسب وأحسن الظن بالله، وأحب الناس فنَصحَهم ووعظهم، وقد أحبه الناس لأجل بشاشته وابتسامته ونُصحِه إيّاهم. ذهبت للصلاة عليه في مغرب يوم الجمعة في جامع الإمام محمد بن عبد الوهاب (الونيان) ببريدة، فلم أشهد جنازة مثل جنازته طوال حياتي، جميع الطرق المتجهة إلى المقبرة مزدحمة من مسافات بعيدة، وإشارات المرور مقفلة، بل إنّ بعض الطرق تحوّل إلى مسار واحد من كثرة الزحام، ونصف الذين قدموا للصلاة عليه لم يتمكنوا من الوصول إلى الجامع للصلاة عليه ومتابعة جنازته، وقد توجّه بعض الناس إلى المساجد القريبة للمقبرة ليصلّوا فيها المغرب قبل خروج وقت الصلاة، وامتلأت المساجد القريبة من المقبرة وقد صلّي في بعضها ثلاث جماعات متتالية لكثرة المصلين، وقد شاهدت بعض الناس يصلّون المغرب في الشوارع لعدم تمكنهم من الوصول إلى المساجد. امتلأ الجامع بالمصلين وكثير من الناس يصلّون في الممرات المحيطة بالجامع، والمقبرة لا تستطيع رؤية ترابها من المشيّعين، ومن كثرة الزحام حول المقبرة، شاهدت شباباً يقفزون فوق سور المقبرة ليشهدوا دفن الميت. ولعل مثل هذه الجنائز تكون سبباً في مراجعة أعمالنا وما قدمنا ومحاسبة أنفسنا، وعدم اهتمامنا بما كفله الله لنا، وأن ننشغل بما كُلفنا به من عبادات وواجبات. رحم الله أبا صالح رحمة واسعة وغفر له، ورزقه الجنّة بغير حساب ولا سابق عذاب، وكذا موتى المسلمين جميعاً، آمين. زياد بن عبد الكريم المشيقح - بريدة