عندما ننظر إلى القرار السامي الكريم الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - بدمج وزارتي التعليم العالي والتعليم العام تحت مظلة وزارة واحدة, وعلى الرغم من تضارب دود الفعل من العديد الأكاديميين والتربويين فهو قرار حكيم وجريء يقود بلا شك إلى تحقيق الأهداف والغايات بكفاءة وفعالية عالية وسينهي العزلة وضعف التواصل بين جهتين كبيرتين معنيتين بالتعليم، لذا فإن توحيد الرؤى والسياسات في التعليم مهم وضروري حتى تكون الرؤية والغاية واحدة مع بناء خطة استراتيجية تركز على التطوير الفعلي لنظام التعليم، ووضع معايير عالمية لقياس الأداء، مع اعتماد أدوات تقويم تقيس مدى توافق المخرجات مع تلك المعايير المحددة، إضافة إلى وضع خطة زمنية مرنة تستشرف من خلالها المخاطر والمعوقات المتوقعه ووضع حلول استباقية لها، وتحديد ووضع مواصفات للمخرجات لكل مرحلة، والتركيز على احتياجات سوق العمل من مخرجات التعليم العام والتعليم العالي، وربط التعليم العام بالجامعات مع بناء شراكات قوية وفعالة مع قطاعات المجتمع الحكومية والأهلية، لإثراء مخرجاتنا ولتحقيق التنمية المستدامة في المملكة، ليكون هناك تكامل فيما بين مؤسسات التعلم بكافة مراحلها وقطاعات الدولة حتى يدرك كلا القطاعين الاحتياج وما هي المهارات المطلوبة من خلال مشاركة تلك القطاعات في وضع السياسات والتوصيات في التعليم باعتبار أنهم شركاء في الميدان فنحن نسير وندور في حلقة واحدة، مخرجات كل مرحلة هي مدخلات الأخرى من تعليم عام ثم تعليم عالٍ ثم سوق عمل ثم تنمية مستدامة بمعنى اشراك كافة شرائح المجتمع في بناء المنهج التعليمي لجميع المراحل الدراسية العام والجامعي, عمل تهيئة سريعة للجميع في المدارس والكليات للتحول من التعليم التقليدي القائم على التلقين إلى التعليم القائم على الاقتصاد المعرفي، فوجود وزارة واحدة مركزية تشرف وتضع الاستراتيجيات وتتأكد من تكاملها حسب الاحتياج والمعطيات، وتسد الخلل في وزارتين من أضخم الوزارات في المملكة والتي كانت تعيش فجوة التواصل سوف يسد الفجوة ويساوي المخرجات ويدعم القرارات البناءة مع إعادة دراسة الوضع الحالي للوصول إلى مخرجات عالية تواكب التوجهات العالمية ومعرفة ماذا تريد الجامعة من التعليم العام؟ وماذا يريد التعليم العام من الجامعات؟ كلاً يكمل ما يحتاجه الطرف الآخر من مهارات ليصل في نهاية المطاف إلى توحيدالرؤى والسياسات والأهداف التعليمية بكافة مراحله ولتحقيق التجانس في المخرجات. مع الأخذ بالاعتبار أن هذا القرار الجرئ سيعمل على تحفيز وتشجيع وتسريع استقلالية الجامعات كمؤسسات تعليمية استثمارية مستقلة تستطيع أن تمول بعض برامجها بذاتها، مع الاعتماد على المنح الحكومية في تمويل تشغيلها، كما هو معمول به في الدول الغربية والولايات المتحدةالأمريكية، مما يجعل الجامعات هي المخولة بإصدار الأنظمة والخطط الدراسية، وبالتالي تتحول تدريجياً إدارة الجامعة إلى مرجعية صاحبة القرار في إصدار أي قرار أو رأي يكون في صالح تطوير عمل الجامعة، لكن هذا سيعتمد مستقبلاً على قوة ورؤية وتوجيه إدارة الجامعة في اتخاذ القرار لصالح تطوير وجودة الجامعة مقارنة مع الجامعات الأخرى بالمملكة بمعنى (خلق روح منافسة تطويرية). لقد حدثت تجربة الدمج سابقاً بين تعليم البنات والأولاد ودمجها وهيكلتها في وزارة واحدة، كما دمج سابقاً كليات البنات وإعداد المعلمين والكليات الصحية وكليات المجتمع لتتبع هيكلة الجامعات، وقد تم تجاوز أعباء تلك المرحلة بما فيها من مشكلات كبيرة بالقليل من الخسائر ولله الحمد. هدفنا الأول والأخير النهوض بمنظومة التعليم وتطويرها لتكون بمصاف الدول المتقدمة وبما يتناسب ومعطيات الألفية القادمة. د. فاطمة بنت محمد الفريحي - أستاذ التاريخ الحديث المشارك - وعميدة كلية التصاميم والاقتصاد المنزلي ببريدة - جامعة القصيم