الموت حق، لكن الفراق صعب، والموت سنة الله في خلقه، لكن فراق ملكنا الصالح محزن وموجع للقلب، رحم الله أبا متعب، وجعل في خلفه الخير والبركة. منذ أن وصلني الخبر الصاعق بوفاة ملك القلوب وملك الإنسانية، وأنا أشاهد مجتمعنا السعودي الكريم بكل أطيافه والحزن يعلوهم، والدمعة لا تفارق عيونهم على فراق ملك عظيم وزعيم قل في الرجال مثيله. رحمك الله يا ملكنا المحبوب، وحفظك الله يا ملكنا الكريم سلمان بن عبد العزيز، يا رمز الوفاء. الكل يعرف أن سلمان والوفاء شقيقان لا يتفارقان، فكنت قريبا من أخيك فهد في لحظات مرضه، ولم تتعب أو تكل من الاهتمام به مع مسؤولياتك الوطنية الكبيرة التي لم تقصر فيها، ثم كنت رمزاً للوفاء مع شقيقك الغالي سلطان رحمه الله، ولم تتعب أو تقصر معه رحمه الله، وها أنت حين كنت عضيداً لعبد الله، كنت على الحال نفسه والوفاء نفسه، بل أصررت على أن تكون معه في آخر لحظة، وكنت مستقلا للسيارة الطبية التي كانت تقله إلى قبره رحمه الله. هذا هو سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين، ورجل الوفاء، ورجل الإدارة، والإنسان المنضبط في مواعيده والدقيق في كل تحركاته. حزننا بفقد عبد الله كبير، لكن مما يخفف الحزن أن خلفه هو سلمان بن عبد العزيز أبو اليتامى ورائد العمل الخيري. نسأل الله أن يوفقه، وأن يشد من أزره ليقود بلاد الحرمين كما كان أسلافه من عهد الملك المؤسس إلى يومنا هذا وكلهم قلوبهم على الشعب ومصلحة الوطن والمواطن، والفخر بخدمة الحرمين الشريفين. ولعل مما يثلج الصدر، ويجعلنا نجزم بأننا أمام ملك قلبه على شعبه واستقراره وقطع دابر الشائعات وقطع الطريق على أدعياء الفتنة أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله، وقبل أن يكمل يوماً واحداً على كرسي الحكم أصدر العديد من القرارات التي من شأنها طمأنة الوطن والمواطن على مستقبله فاختار رجلا حكيما لولاية عهده، وهو صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز الرجل العسكري المنضبط الذي عمل في كافة قطاعات الدولة في خدمة مليكه ووطنه، فكان أميراً موفقا في حائل، وأميراً لمدينة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ثم رئيساً للاستخبارات ومستشاراً ومبعوثا لخادم الحرمين الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله. وفي كل مكان يعمل فيه يكون التوفيق والجد والإنجاز حليفه. كما أن اختيار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولياً لولي العهد اختيار موفق وجد ارتياحاً عند كافة فئات الشعب فهو رجل الأمن الأول، وعدو الجريمة والإرهاب والتطرف، الذي يواصل الليل بالنهار عملاً في استقرار الوطن والمواطن بتوفيق الله. وها نحن كلنا على قلب رجل واحد نقول بايعناك يا سلمان ملكا على البلاد، وبايعناك يا مقرنّا ولياً للعهد، وبايعناك يا محمد بن نايف ولياً لولي العهد، نسأل الله أن يعينكم ويوفقكم وأن يحقق على أيديكم تطلعات الوطن والمواطن، وأن تكونوا خير خلف لخير سلف. اللهم أدم على وطننا الأمن والأمان، واحفظه من الفتن والحروب والكوارث واجعل لنا في كل يوم خير وتوفيق.