بكى الوطنُ يوم الجمعة كما لم يبكِ من قبلُ، وخيَّم الحزنُ أرجاء بلادي بفراقِ حبيبها وعظيمها، ووالدها وكبيرها عبد الله بن عبد العزيز آل سعود عليه تتنزل الرحمات والغفران من رب العباد. كيف لا يكون البكاءُ والحزن وقد ودّعَنا حبيب الشعب، ورحل إلى ربه راضياً مرضياً بإذن الله تعالى؟ لكنّ الذي يخفف لوعة الحزن أنّ والدنا المرحوم أبا متعب رحل عنا والقلوب تخفق بمحبته، والألسنُ تلهَجُ بالدعاء له، والعيون تدمع لفراقه، ونرجو أن يكون ذلك شافعاً له عند ربه، ونحنُ شهداء الله في أرضه. لا يمكن لنا أن نطوي هذا الحزن العميق على والدٍ أحبّنا وأحببناه، وعطف علينا كما تعطف الطير على صغارها، ولكننا بحمد الله مؤمنون بقضاء الله وقدره، ونعلم أن ما عند الله خير وأبقى، وقد رحل بعد أن أدّى الأمانة العظمى. ومع ذلك فمشاعر الفرح تختلط مع الحزن وهي ترى التماسك العظيم لأسرتنا الحاكمة العريقة (حفظها الله تعالى ورد عنها كيد الأعداء والفجار)، ننام بحكم ملكٍ، ونصحو تحت حكم ملك آخر بكل أمن وطمأنينة ودعة وراحة بال.. لا اقتتال ولا نزاع، ولا فوضى ولا حروب، وتلك وربي نعمة عظيمة {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا}. سيدي سلمان بن عبد العزيز: هل أعزيك أم أهنّئك؟ وبين العزاء والتهنئة وطنٌ شامخٌ يسمو على النزاعات والخلافات، ولسان حالكم يا خادم الحرمين يقول: إذا ماتَ منا سَيِّدٌ قامَ سَيِّدٌ قَؤُولٌ لِما قال الكِرامُ فَعُولُ مشاعر الفرح نبديها تحت مقاليد حكمكم الأغر، وأنتم أهل الحِكمة والأمانة، والحصافة والرأي الخبير. فَسِرْ بنا يا خادم الحرمين بوطن سالمٍ من كل أذى، ونحن معك في مَنْشَطِنا ومَكْرَهِنا وعُسْرِنا ويُسْرِنا، نبايعك على السمع والطاعة، لا نحيدُ ولا نخون حتى نلقى ربنا. أعَزَّ الله بكم الإسلامَ وأهلَه، وحَفِظَ بكم البلادَ والعبادَ، وجعَلكم خيرَ خَلَفٍ لخير سَلَف، ووفقك ونائبيك لكل خير، وأعانكم وسَدَّدكم، وألهمكم الخير والصواب. علي بن سليمان بن عبد الله الحامد - القصيم - بريدة - جامعة القصيم