وسط أجواء حزن كبيرة على فقد قائد فذ سيبقى في ذاكرة جيل حقق له الكثير من الاستقرار والتنمية، وابتعثه لكل بقاع الدنيا للمعرفة والعلم، جدد له المشاريع وأعاد الحياة للمنشأ والإنجاز، حاكم متفرد جدد وحدد ورسم الكثير في مسيرة وطن واستقراره لعقود طويلة قادمة وخالدة. ووسط تذكير دولي بمواقف ودور الراحل الكبير على المسرح العالمي والعربي والإسلامي، في السلام والتعاون الدولي والإنساني والتفاهم الحضاري، إلا أن الفقد والعزاء يبقى ضخما وكبيرا للملك عبد الله بن عبد العزيز، رغم نقش اسمه وصورته وأفعاله في ذاكرة التاريخ وتدوينه. مشهد حزين عام، حتى في الحزن سيبقى، مشهد ومشاعر تجاوزت المحلي الإقليمي والدولي للكون كله، لأن عبد الله بن عبد العزيز كان قائداً استثنائياً في مرحلة صعبة وغير عادية أبداً بكل تجاذباتها وتحدياتها وتحولاتها السياسية الضخمة وعواصفها الهائجة والمربكة، التي أطاحت بأوطان وهددت أخرى، وغيبت عن الخريطة دولاً، إلا أن القائد الحازم الصارم سار بالوطن لبر أمانه واستقراره وتطوره الاقتصادي أيضاً، وسط تطورات إقليمية خطيرة. والكل ينعى الراحل العظيم عبد الله بن عبد العزيز، نتذكر كيف وضع خريطة الاستقرار السياسي لبيت الحكم السعودي. وبسلاسة بالغة ومرتبة مسبقاً، أصبح الرمز الكبير أهم أعمدة الحكم في الأسرة الملكية لعقود عديدة، سلمان بن عبد العزيز خادماً للحرمين وملكاً للبلاد، كما كان متوقعاً ومرتباً، وكان أول أمر يصدره امتداداً لقرارات الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، حيث أصدر خلال ساعات قراراً يعين فيه الأمير مقرن بن عبد العزيز ولياً للعهد ونائباً له. والأمير مقرن هو آخر أبناء المؤسس وأصغرهم من الأبناء. في تأكيد على وحدة التوجه والهدف والمصلحة الوطنية العليا. ليس ذلك وحسب بل إن البناء لبيت الحكم السعودي ازداد بناءً ورسوخاً ووضوحاً وتتويجاً للمستقبل، فالسعودية المستقرة اليوم وغداً ودائماً برجالاتها وحكامها، وضعت جيل أحفاد المؤسس الملك عبد العزيز في طريق الحكم، فقد جاء الأمر التالي للملك سلمان بن عبد العزيز، مقرراً للمستقبل ومدعماً له ولاستمراره، وذلك بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية ولياً لولي العهد، ونائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، هنا لم يعد مجال للتكهنات والتشكيك والاجتهاد، فالبناء قوي ومتوحد في أزمنة الابتهاج والحزن. إنها لحظة تاريخية في مواساتها وحزنها وفقدها، ولحظة تاريخية في توحدها ورسمها لمستقبل مستقر وطويل للوطن وأبنائه. إنها قصة أخرى من قصص الحكم الرشيد في تعاطيه مع الوقائع والواقع والنظرة للمستقبل بجدية تجعل الأصلح هو السند للأمن والاستقرار والإدارة.. لحظة تاريخية في تحولات إستراتيجية يقرها ويصدرها الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود الملك السابع للمملكة العربية السعودية الحديثة، وخادم الحرمين الشريفين.