حين كنت تلميذاً في بداية المرحلة الثانوية كتبت مقالاً في جريدة الجزيرة العدد رقم 222 الصادر بتاريخ 6 رمضان 1388ه الموافق 26 نوفمبر 1968م بعنوان «الجوف وحاجتها لمصنع تمور» طالبت فيه بإنشاء مصنع للتمور في هذه المنطقة الزراعية التي اشتهرت بإنتاج التمور منذ أقدم العصور. وحين كنت طالباً في الجامعة كتبت مقالاً في جريدة المدينة في عددها رقم 2283 الصادر بتاريخ 11 شعبان 1391 عن التمور في منطقة الجوف وطالبت فيه بالاهتمام بتسويق التمور في تلك المنطقة وإنشاء مصنع للتمور. ثم كتبت بعد ذلك العديد من المقالات في أكثر من جريدة ومجلة عن الحاجة الملحة للاهتمام بالجانب التسويقي للتمور في المناطق الزراعية بالمملكة ورفع دخل مزارعي التمور وكان آخرها ما نشرته جريدة الجزيرة في عددها رقم 15341 الصادر بتاريخ 5 ذو الحجة 1435ه الموافق 29 سبتمبر 2014م بعنوان «ماذا يبقى لصغار المزارعين سوى الفتات؟» حيث إن الجانب التسويقي كان ولا يزال مهملاً ولا يحظى إلا بأقل القليل من الإهتمام مما يُضيع على المزارعين فرصة رفع دخلهم ويُضيع على الاقتصادات المحلية في المناطق الزراعية فرصة خلق قيمة مضافة تعزز تلك الاقتصادات وتسهم في إيجاد وظائف ليس في القطاع الزراعي وحده بل في جميع الأنشطة والقطاعات ذات العلاقة مثل القطاع التجاري والقطاع الصناعي وقطاع النقل والمواصلات وغيرها. ومنذ أيام أقيم في محافظة دومة الجندل بمنطقة الجوف المهرجان الثاني للتمور حضره أمير وأهالي المنطقة وزوار من خارجها وصدح فيه التلاميذ بأوبريت مُعبِّر بعنوان «نخلة أهلنا»، وتَضمَّن العديد من الفعاليات مثل خيمة الأسر المنتجة التي شاركت فيها 130 أسرة ومعرض مزارعي التمور الذي شارك فيه حوالي تسعين عارضاً. وقد لفت انتباهي ما ذكره الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للنخيل والتمور الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز الجنوبي في كلمته التي ألقاها وذكر فيها أن منطقة الجوف تنتج حالياً حوالي خمسين ألف طناً من التمور من حوالي مليون نخلة في المنطقة وأن بالإمكان زيادة إنتاج النخلة الواحدة من حلوة الجوف إلى حوالي ثمانين كيلو جراماً مما سيرفع إنتاج المنطقة بنسبة ستين بالمائة. وكذلك كان مُهماً ما ذكره من أن المركز الوطني للنخيل والتمور مستعد للتعاون من أجل «تحسين الخواص التسويقية للتمور والعمل مع المستثمرين لإنشاء مصانع للتعبئة والتغليف». إن ما ذكره الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للنخيل والتمور هو ما يحتاجه مزارعو منطقة الجوف وغيرها من المناطق الزراعية وهو ما نطالب به منذ سنوات طويلة، وليس من الواضح ما الذي يعيق اتخاذ خطوات عملية للتنفيذ. أتمنى أن يكون المعرض الثاني للتمور في الجوف فرصة للانطلاق والنهوض بتسويق التمور بالمنطقة، فالتمور ثروة غير مستثمرة بشكل اقتصادي جيد، والخاسر هو المزارع المحلي الذي يبيع إنتاجه بثمن بخس للعامل الوافد الذي يشتري التمور بالجملة عندما تكون رطباً في النخلة ثم يبيعها للمستهلك بأسعار مرتفعة، كما أن الخاسر الأكبر بالطبع هو الاقتصاد المحلي الذي لا يحقق القيمة المضافة الممكن تحقيقها بشيء من التنظيم والتعاون بين الأجهزة الحكومية والأهلية ذات العلاقة. أخيراً أتساءل: هل سيأتي من يكرر هذه المطالبات بعد عشر أو عشرين سنة من الآن قياساً على تجارب الماضي؟