وصف أعجبني واستوقفني لمزيد تأمل وهو وصف لبلادنا بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية التي تمتد على هذه الأرض المباركة بصحرائها وسهولها وجبالها وأوديتها وبحارها حيث فيها أول بيت وضع للناس، وختم بنبيها الرسالات، وتنزل آخر كتاب في ديارها. بلادنا قبلة المسلمين، ومتنزل وحيه، ومولد رسوله، ومبعثه، ومهاجره، ومماته عليه الصلاة والسلام. بلادنا تحتضن شعائر المسلمين ومشاعرهم، ليس مرتبطاً بمشاعرنا وحدنا فقط؛ بل مرتبط به كل مسلم، فأمننا أمنهم، واستقرارنا استقرارهم، والله في محكم تنزيله قال: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ}. بلادنا حديقة غناء ثمارها: أمن، ورخاء، ووحدة وطنية ليست مرتبطة بعصبية ولا قبلية، ولحمة وتماسك بين أفرادها؛ بل من أطيب ثمارها حماية وخدمة الحرمين الشريفين. ومما يذكر ولا ينكر ما أفاء الله علينا في بلادنا من نعمة المال الفائض، والخير الوفير، والعيش الرغيد حتى شهد بذلك البعيد والقريب، والعدو والصديق، وأضحى تأثيرها على العالم أجمع، وهذا فضل من الله تعالى ثم بفضل تمسكها واعتزازها في دينها؛ مع يقيننا أن الكمال عزيز، ورضى الناس غاية لا تدرك، والنقص والخطأ من شأن البشر. هذه بلادنا، وهذه بعض ثمار تلك الحديقة الجميلة الغناء؛ إلا أن هذه الحديقة في حريقة ! فكم من متربص يريد تفتيت بلادنا، وتمزيق شملها، وهدم وحدتها، وانهيار كيانها؛ بل جرها لفتن طائفية، وتعصبات قبلية، ومناهج دخيلة، وتجارب مشبوهة لا تعرف نتائجها، ولا تحسب عواقبها. والمسؤولية علينا جميعاً في المحافظة وحماية هذه الحديقة الجميلة من الحرائق المحيطة بها بداية بالاعتزاز بالدين، وشكر المنعم المتفضل؛ فالنعم إذا شكرت زادت وقرت، وإذا كفرت زالت وفرت، وكذلك الانتماء المخلص لهذا الوطن، والشعور الجماعي بمسؤولية الحفاظ على الوطن، والممتلكات، والمكتسبات، والالتفاف حول الولاية الشرعية، وصد كل فتنة، أو مسلك، أو دعوة تهدد أمن هذا الوطن، ورغده، وعيشه، والوقوف صفاً واحداً في وجه كل متربص، ومواجهة كل صائل، ودحر كل عاد كائنا من كان، والعمل على تحقيق قول الله تعالى {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاتَفَرَّقُوا} الآية وقول رسوله -صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن اللَّه يرضى لكم ثلاثاً، ويسخط لكم ثلاثا: يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وتعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا لمن ولاه الله أمركم. ويسخط لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال). أسأل الله تعالى أن يحفظ لنا حديقتنا الغناء، وأن يجنبها الحرائق إنه ولي ذلك والقادر عليه. محمد بن سليمان المهوس - إمام وخطيب جامع الحمادي بالدمام