واصلت المملكة تسجيل أرقام تاريخية في الإنفاق الحكومي رغم تراجع أسعار النفط بنسبة 47% في آخر ثلاثة أشهر، ومع ذلك لا يزال سوق الأسهم يخلو من أي فقاعة وأي تضخم في مؤشراته إذا ما قورنت بمؤشرات اقتصادية للبلاد. ولمزيد من التفصيل، هذه قراءة تحليلية للسوق داخل إطار ميزانية الوطن: الناتج المحلي يترك فجوة إيجابية لسوق الأسهم بحوالي 47 % (السوق غير متضخم): تتوقع وزارة المالية نمواً للناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية 1.01 % للعام 2104م إلى 2,821,722,000,000 ريال سعودي، في حين بلغت القيمة السوقية للسوق 1.9 ترليون ريال سعودي وبنمو 2.5 % حتى إغلاق جلسة الأمس، وواضح جداً رغم أداء المؤشريين الإيجابي إلا أن هناك فجوة للناتج المحلي مع السوق، وهو مؤشر إلى أن سوق الأسهم لا يزال غير متضخم مالياً ويخلو من أي فقاعة طالما هناك فجوة إيجابية بحوالي 47 % تقريباً، يؤكد ذلك مكرر ربحية السوق البالغ 14.7 مرة، أي بعائد 6.8% وهو أعلى من العام الماضي. أضف إلى ذلك نموه بحوالي 22.5 % في صافي الأرباح المجمعة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو أداء جيد مقارنة بنمو الاقتصاد حسب أرقام وزارة المالية المتوقعة لنهاية العام بالنسبة للناتج المحلي وفق الأسعار الجارية، ونمو السوق أيضاً يعد محفزاً ويتخطى علاوة نمو الناتج المحلي وعلاوات أخرى أبرزها التضخم. سوق المال برئية من علاوة الرقم القياسي للأسعار رغم ارتفاع السوق هذا العام: بلغ متوسط نمو التضخم في المملكة لهذا العام 2.7 % بتراجع عن العام الماضي الذي كان بحوالي 3.2 %، ويبدو كما في الرسم البياني أنه دخل في منطقة استراحة لأسباب أبرزها تراجع حدة تأثير مجموعة السكن وتوابعه هذا العام، وتحسن قيمة الدولار الأمريكي الذي يعد أبرز محركات التضخم المستوردة حيث ارتفعت العملة الخضراء 18 % والنفط انخفض 47 %، أي التأثير السلبي الحقيقي لتراجع النفط يبلغ 29%، وما يهمنا هو أن سوق الأسهم لم يعد يشارك في دفع عجلته رغم نموه 2.5% هذا العام، كما أنه يحقق عائداً على الاستثمار بمعدل 6.8 % مقارنة ب6.4% العام الماضي، وهو ما يفوق علاوة التضخم بضعفين، كما يتفوق على علاوة سعر الفائدة ويترك فجوة بسيطة مع متوسط العائد على المرابحة في سوق الائتمان، ويرجح مع جهود الدولة وسياساتها تجاه تقليص الفجوة بين العرض والطلب في سوق العقار أن يستفيد سوق الأسهم أكثر في تحقيق معدل عائد جاذب للاستثمار دون مضايقة من علاوة التضخم، كما سيستفيد بشكل مباشر من نمو القطاع المصرفي وخصوصاً (التمويل الاستهلاكي) الذي يمثل 62 % من حجم الائتمان المصرفي. القطاع البتروكيماوي يحقق أداءً ملفتاً يجاري فيه أرقام النفط الخام: رفضت المملكة هذا العام التدخل بالسوق عبر سياسة حجم الإنتاج اليومي من النفط آخر ثلاثة أشهر لتفادي انخفاض أسعار النفط، وبلغ متوسط أسعار خام عربي خفيف للعام 2014م 69.7 دولار، ولا يوجد رقم معلن لسعر النفط الذي بنيت عليه موازنة هذا العام، في حين يظهر الجدول البياني أن القطاع البتروكيماوي في سوق الأسهم المحلية حقق نمواً في صافي أرباحه بحوالي 15.6 % بصافي أرباح بلغت 37.7 مليار ريال، وهو أداء أفضل بكثير من الأعوام الخمس الأخيرة (الأرقام لآخر أربعة أرباع مالية)، ومتوقع أن ينمو مع نهاية العام ليحقق صافي أرباح 40 مليار ريال لكن التراجع إن حدث فهو على مستوى الربع الرابع، لكن بالإجمال معظم الشركات البتروكيماوية المدرجة بالسوق حققت نمواً في حقوق المساهمين (القيمة الدفترية)، ولا شك أن إنخفاض أسعار النفط يؤثر سلباً لو كان على المدى الطويل، أما على المدى القصير فهناك توقعات فنية تشير لإمكانية تخطي الدولار مستوى 100 أمام سلة عملاته وبالتالي سينخفض أثر هبوط أسعار النفط، لأن المبيعات بالدولار الأمريكي وبالتالي نتوقع نمو مبيعات الشركات خصوصاً مع نمو الاقتصاد الأمريكي هذا العام من 3 % إلى 5 % للناتج المحلي. وبمجرد بدء التخفيف الكمي في اليابان ومنطقة اليورو سيعود الطلب للنمو في أسواق النفط. نسبة ارتباط سوق الأسهم بموازنة الدولة 27% حسب الأرقام: لم يتم الإشارة في بيان موزانة الدولة إلى حجم المشاريع وعدد العقود الحكومية التي تنوي إبرامها، وهي إشارة إلى رغبة الدولة في الاستمرار في الإنفاق على المشاريع الحالية والسرعة في إنجازها والتركيز عليها، وهي مشاريع ضخمة، لكن من وجهة نظر خاصة يظهر من الأرقام التي تم الحصول عليها من سوق الأسهم أن حجم الوادئع الحكومية في المصارف ونسبة تأثيره في الائتمان المصرفي وحجم العقود الحكومية التي فازت بها شركات مدرجة بسوق الأسهم أن نسبة الارتباط مع السوق 27 %، أي أن هذه النسبة تمثل مستوى تأثر سوق الأسهم بموازنة الدولة بشكل مباشر، وهناك تأثير غير مباشر مثل القوة الشرائية للمواطنين الناتجة من قيمة الرواتب والأجور والتأثير النفسي للمتعاملين في سوق الأسهم ونسبة المواطنين الذين سيمتلكون منازل العام المقبل مما له دور في زيادة الطلب على التأثيث والمفروشات وسلع معمرة واستهلاكية أخرى مرتبطة بمجموعة السكن، لذا يرجح أن لا يكون هناك تأثير جوهري سلبي على السوق، بل بالعكس هناك تأثير إيجابي مستدام من المشاريع التي تم إقرارها وهي كفيلة بتحقيق سوق الأسهم أرقاماً جديدة العام المقبل. قطاع المصارف يمثل 42.8% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد: يوضح الجدول البياني أعلاه قيمة إجمالي الناتج المحلي الإجمالي والتي بلغت 2,821 ترليون ريال وبنمو نسبته 1.01 % عن العام الماضي، وحجم الائتمان المصرفي المتوقع بلغ 1208 مليار ريال مع نمو كبير في الودائع تحت الطلب والتمويل العقاري، ويوضح الرسم البياني أيضاً أنه بحسب أرقام الميزانية العامة لا زالت الفجوة موجودة بينهما منذ سنوات طويلة باستثناء العام 2006م الذي حدثت فيه الفقاعة الشهيرة، وتبلغ نسبة الفجوة الإيجابية الحالية 42.8% عن الناتج المحلي مع تطبيق لكل معايير بازل، ويعزى سبب كبر هذه الفجوة وجود تحفظ كبير من القطاع تجاه الإقراض بعد انهيار السوق عام 2006م وبعد أزمة الائتمان العالمية 2008م حيث لا يزال تركيز القطاع على التمويل للأفراد بنسبة 62% من حجم الائتمان المصرفي وهو تمويل قصير الأجل وهو أمر إيجابي لسلامة سوق الأسهم حيث يمثل القطاع ما نسبته 28.2% من وزن السوق ليتخطى بذلك القطاع البتروكيماوي ليحتل المرتبة الأولى لأول مرة منذ 2003م، وهو ما يعول عليه أن يكون قائد السوق للعام المقبل أيضاً.