«الاستثمار العالمي»: المستثمرون الدوليون تضاعفوا 10 مرات    قيود الامتياز التجاري تقفز 866 % خلال 3 سنوات    رئيسة (WAIPA): رؤية 2030 نموذج يحتذى لتحقيق التنمية    سعود بن مشعل يشهد حفل "المساحة الجيولوجية" بمناسبة مرور 25 عامًا    السد والهلال.. «تحدي الكبار»    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    أمطار على مكة وجدة.. «الأرصاد» ل«عكاظ»: تعليق الدراسة من اختصاص «التعليم»    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    إسماعيل رشيد: صوت أصيل يودّع الحياة    من أجل خير البشرية    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    في الشباك    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    نائب أمير الشرقية يكرم الفائزين من القطاع الصحي الخاص بجائزة أميز    ألوان الطيف    ضاحية بيروت.. دمار شامل    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    حكايات تُروى لإرث يبقى    جائزة القلم الذهبي تحقق رقماً قياسياً عالمياً بمشاركات من 49 دولة    نقاط شائكة تعصف بهدنة إسرائيل وحزب الله    أهمية قواعد البيانات في البحث الأكاديمي والمعلومات المالية    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    تطوير الموظفين.. دور من ؟    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي    قصر بعظام الإبل في حوراء أملج    كلنا يا سيادة الرئيس!    القتال على عدة جبهات    معارك أم درمان تفضح صراع الجنرالات    الدكتور ضاري    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    صورة العام 2024!    ما قلته وما لم أقله لضيفنا    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    وزير الخارجية يطالب المجتمع الدولي بالتحرك لوقف النار في غزة ولبنان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    الوداد لرعاية الأيتام توقع مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للإحصاء    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    الأهل والأقارب أولاً    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيادة الإنفاق الحكومي إلى 563 مليار ريال
نشر في شبرقة يوم 04 - 10 - 2009

أظهر تقرير البنك الأهلي أن الإنفاق الاستثماري الحكومي سيكون الرافد الأكبر للنمو الاقتصادي في هذا العام؛ بفضل السياسات المالية النشطة التي تركز على الإنفاق الرأسمالي وأيضاً على التحفيز المالي غير المباشر للقطاع غير النفطي. وتوقع التقرير نمو الناتج المحلي الإجمالي الفعلي بحوالي 3% في عام 2010، مستنداً على انتعاش الطلب العالمي ومستويات أعلى في إنتاج النفط. لكنه أشار إلى توقع انكماش نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 1% في العام الجاري، نتيجة للانخفاض الكبير في مستوى إنتاج النفط.
ولفت إلى نجاح البنوك السعودية في خوض غمار الأزمة المالية العالمية من مركز أقوى مقارنة بنظيراتها من المؤسسات المالية العالمية في اقتصادات الدول المتقدمة. مؤكدا على تمكن القطاع المصرفي السعودي من استيعاب واجتياز معظم التبعات الأولية للأزمة، غير أنه أوضح أن التحدي القائم هو التعامل مع الجولة الثانية من التأثيرات العائدة لتباطؤ الطلب المحلي.
ورجح التقرير أن تشهد البنوك السعودية انخفاض الأرباح في عام 2009 لعدة أسباب منها انخفاض صافي هوامش الفائدة نتيجة هبوط أسعار الفائدة الأساسية واستحقاق الأوراق المالية ذات العائد الثابت، ويتوقف ذلك على تركيبة الأصول، فضلا عن تراجع دخل أسعار الفائدة نتيجة لتباطؤ نمو القروض، بالإضافة إلى تدني الرسوم المصرفية على إثر تراجع قيم التداول في سوق الأسهم، والزيادة المتوقعة في مخصصات الخسائر لكل من محافظ الاستثمار والقروض.
وتوقع التقرير أن يبلغ متوسط أسعار النفط لعام 2009 حوالي 54 دولاراً للبرميل. وأن يسجل الحساب المالي عجزاً يبلغ نحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث لجأت الحكومة إلى احتياطياتها المتراكمة لزيادة الإنفاق ودعم النمو الاقتصادي.
أما الحساب الجاري، فقد توقع أن يسجل عجزاً أقل نسبياً ليبلغ 3% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث يتوقع انخفاض الواردات. إلا أن تحرك أسعار النفط الخام السعودي ارتفاعاً نحو متوسط 65 دولاراً للبرميل في عام 2010، سينعكس على الحسابين المالي والجاري ارتفاعاً لتحقيق فوائض. وقال إن انخفاض مستويات الدين المحلي وكبر حجم الاحتياطيات المالية، يجعل الاقتصاد السعودي قادرا على تجاوز تبعات الأزمة المالية العالمية.
وأضاف التقرير أن الأسواق المالية العالمية بدأت في إبداء بعض إشارات الاستقرار، وتحسنت مستويات الثقة مع الارتفاع التدريجي لأسعار النفط، مع توقع انتعاش بوتيرة أسرع للطلب العالمي في عام 2010 ؛ ويتجلى ذلك في صعود أسواق الأسهم والعودة إلى إصدار الاكتتابات الأولية للأسهم والصكوك.
كما توقع أن يظل النمو في أسعار السلع محدوداً في عام 2009، متماشياً مع ضعف الطلب العالمي وفوائض الطاقة الإنتاجية في حالتي النفط والمعادن الأساسية مثل النحاس والألمونيوم. ومن ناحية أخرى سيسهم الابتعاد من المخاطر في رفع أسعار المعادن النفيسة مثل الذهب، الذي تجاوز الأزمة بوضع متميز لينجو من تبعاتها. وقد ساعد انخفاض أسعار السلع في تخفيف الضغوط التضخمية في اقتصادات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء. بيد أن الاقتصادات الناشئة التي تعتمد على إيرادات السلع المصدرة تواجه احتمال تدهور كبير في الميزانين المالي والخارجي خلال السنوات القليلة المقبلة.
وأوضح تقرير البنك الأهلي أن تقديراته للاقتصاد الكلي على متوسط سعر خام النفط (العربي الخفيف) عند مستوى 54 دولارا للبرميل، ومتوسط إنتاج يبلغ 8 ملايين برميل يومياً (يتم تصدير 70 % منه) في عام 2009. وسيؤدي تراجع إيرادات النفط إلى تحويل فوائض الحسابين المالي والجاري إلى عجوزات.
ومن المتوقع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الفعلي بنسبة 1%، نتيجة للانخفاض الكبير في مستويات إنتاج النفط. أما النمو في القطاعات غير النفطية، وخصوصاً قطاعات الإنشاء والتصنيع وتجارة التجزئة والخدمات، فمن المرتقب أن يعتدل خلال هذا العام، ويعود ذلك أساساً إلى ضعف الاستثمار الخاص والإنفاق الاستهلاكي. وقد انعكس ذلك في تباطؤ نمو الائتمان المقدم للقطاع الخاص، وتأجيل تنفيذ المشاريع، وتراجع مستوى الثقة. ومن ناحية أخرى، سيوفر الإنفاق الاستثماري الحكومي الإسهام الأكبر في النمو الاقتصادي.
وتوقع التقرير تحسن الأرقام الرئيسة للاقتصاد السعودي خلال عام 2010، استناداً على التنبؤات الأعلى لمتوسط أسعار النفط الخام ومستويات الإنتاج. وهنا ينبغي ملاحظة أن هناك بعض المخاطر التي لا تزال قائمة فيما يخص تنبؤات أسعار ومستوى إنتاج النفط الخام السعودي، وعلى نحو خاص إذا دام الانكماش الاقتصادي العالمي لفترة أطول مما هو متوقع.
وبالنسبة لأسعار السلع عالميا توقع التقرير أن يظل النمو في أسعار السلع محدوداً في عام 2009، متماشياً مع ضعف الطلب العالمي وفوائض الطاقة الإنتاجية في حالتي النفط والمعادن الأساسية مثل النحاس والألمونيوم. ومن ناحية أخرى سيسهم الابتعاد من المخاطر في رفع أسعار المعادن النفيسة مثل الذهب، الذي تجاوز الأزمة بوضع متميز للنجو من تبعاتها. وقد ساعد انخفاض أسعار السلع في تخفيف الضغوط التضخمية في اقتصادات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء. بيد أن الاقتصادات الناشئة التي تعتمد على إيرادات السلع المصدرة تواجه احتمال تدهور كبير في الميزانين المالي والخارجي خلال السنوات القليلة القادمة.
النفط... تقلبات حادة
ارتفعت أسعار النفط الخام بقدر ملموس خلال الشهر الماضي، مدفوعة بالتحسن العام في توقعات الآفاق المستقبلية للأسواق المالية، وضعف الدولار، والإحساس بأننا قد تجاوزنا الأسوأ في أزمة الانكماش الاقتصادي من حيث ضعف الطلب العالمي. ويبلغ الآن السعر الفوري لنفط غرب تكساس WTI ما بين 60 و65 دولارا للبرميل، حيث يزيد بنسبة 50 % عن السعر الأدنى الذي سُجل في شهر ديسمبر من العام الماضي. ولنتساءل ما هي العوامل التي دفعت أسعار النفط للارتفاع؟
وفي تقديرنا أن الزيادة الأخيرة في أسعار النفط قد توفرت قوتها الدافعة في الظن بأن الأساسيات تتحول متجهة إلى توازن ضيق للسوق في عام 2010؛ ويعود ذلك أساساً لتحسن توقعات الطلب العالمي. وقد أعاد صندوق النقد الدولي النظر في تنبؤاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الفعلي للعالم لعام 2010 رافعاً إياه من 1.9% إلى 2.5%، استناداً على الانتعاش التدريجي في الاقتصادات المتقدمة والنمو الأفضل من التوقعات في آسيا واقتصادات أسواق ناشئة أخرى.
القطاع الحقيقي
إن آفاق النمو الاقتصادي لعام 2009 قد تدهورت بحدة جراء الأزمة المالية العالمية والانكماش الاقتصادي. ورغم أن المملكة كانت أقل تأثراً بالتداعيات المباشرة للأزمة المالية العالمية، إلا أن التأثير غير المباشر للأزمة على الاقتصاد الحقيقي سيكون جلياً. وهناك ثلاث قنوات رئيسة تمتد الأزمة من خلالها للمملكة
هي الأسعار البالغة التدني للنفط قلصت المصدر الرئيسي للإيرادات في المملكة، وضعف الطلب العالمي على النفط، إضافة إلى محدودية الائتمان والتخوف من مخاطر الاستثمار في الأسواق العالمية أدى إلى شح رأس المال الأجنبي وانخفاض كبير في أسعار الأصول محلياً وتدني الاستثمار. ونتوقع الآن أن يتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بحوالي 1% في عام 2009، حيث يتوقع أن يتجاوز التقلص في القطاع النفطي النمو المعتدل في القطاع غير النفطي. بيد أننا نتوقع أن يرتفع نمو الناتج المحلي إلى 3% في عام 2010 على ضوء الانتعاش في الطلب العالمي وارتفاع مستوى إنتاج النفط.
وتحدث التقرير عن الدور المهيمن للقطاع النفطي في الاقتصاد السعودي، متوقعا تراجع الإيرادات النفطية بأكثر من النصف في عام 2009؛ مما سيؤثر سلبا على الحسابين المالي والجاري. كما توقع تقلص الناتج المحلي النفطي الحقيقي بحوالي 8% في عام 2009، وأكد أن إسهام القطاع النفطي في نمو الاقتصاد ككل سيكون سالباً. في حين سيتحول، إسهام القطاع النفطي في الاقتصاد في عام 2010 إلى الجانب الإيجابي، ولو بإسهام متواضع، حيث قدرت زيادة إنتاج النفط الخام السعودي بحوالي 400 ألف برميل يومياً فقط؛ وهذا سيكون مرهوناً بانتعاش الطلب العالمي واستقرار الأوساط المالية العالمية.
ومن المتوقع أن يتباطأ نمو القطاع غير النفطي. وفي حين نما الناتج المحلي لهذا القطاع في عام 2008 بنحو 4.3%، إلا أنه يتوقع تراجع معدل نموه الحقيقي إلى 2.3% في عام 2009، عاكساً تداعيات الأزمة المالية العالمية والتباطؤ الاقتصادي. وعلى صعيد النشاطات الاقتصادية مثل التعليم والصحة والمرافق والتي تعتبر نوعاً ما قطاعات دفاعية، فإنها ستواصل النمو رغم بيئة التحدي السائدة هذا العام. أما قطاع تجارة التجزئة، الذي درج على النمو بمعدل 5% في المتوسط خلال الخمس السنوات الماضية، فيتوقع أن يتباطأ نموه نتيجة لتراجع ثقة المستهلكين. وكذلك قطاع الإنشاء، الذي تميز بنمو سريع خلال السنوات الماضية، يتوقع له أن يتباطأ بالنظر إلى ظروف التمويل المتأزمة. بيد أن انخفاض أسعار مواد البناء ومشاريع البنية التحتية التي تعاقدت عليها الحكومة، سيظلان يوفران دعماً لنشاطات قطاع الإنشاء في عام 2009.
النقل والمواصلات
أما القطاع الأسرع نمواً في عام 2008، وهو قطاع النقل والاتصالات، والذي سجل معدل نمو بلغ 12%، فمن المرجح أن يتباطأ نموه نتيجة لتباطؤ نمو الاشتراكات والمنافسة الحادة وتراجع حجم العمليات الأجنبية هذا العام. وبغض النظر عن تأثير ارتفاع تكلفة التمويل، يتوقع للنشاط في قطاع التصنيع أن يكون أقل نمواً هذا العام، نتيجة لتوقعات ضعف الطلب العالمي وفائض القدرات الإنتاجية. أما القطاع المالي، الذي سجل نمواً بمعدل 3.5 % في عام 2008، فسيشهد هو الآخر تباطؤاً في النمو، على ضوء انخفاض نشاطات الإقراض المصرفي والهبوط الحاد في الأسهم وفئات أصول أخرى جراء الأزمة المالية العالمية.
ويتوقع للناتج المحلي غير النفطي الحقيقي أن يشهد المزيد من الارتفاع في عام 2010، شريطة ألا يدخل الاقتصاد العالمي في انكماش طويل الأمد وأن تبقي الحكومة على سياسة مالية توسعية لتحفيز الطلب المحلي.
أما على صعيد الإنفاق، فقد شكل الاستهلاك الخاص والاستثمار المصادرين الأساسيين للنمو خلال السنوات القليلة الماضية، وقد توفر الدعم لهذا الوضع بطائفة واسعة من الإصلاحات الهيكلية لزيادة انفتاح السوق، وتعزيز التنافسية، وتنويع قاعدة الاقتصاد. وقد زاد الاستثمار، الخاص والعام معاً، من نسبة 25 %من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2007 إلى حوالي 30 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2008. غير أن آفاق الاستثمار والاستهلاك الخاص، مصحوبة بصافي الصادرات، كقوة دافعة أساسية لنمو الناتج المحلي، قد ضعفت بشكل ملحوظ هذا العام. وسينخفض الاستهلاك الخاص، حيث إن تراجع أسعار النفط وضعف أحوال سوق العمل قد أديا إلى تآكل مستويات الدخل، في حين أن الهبوط الذي اعترى أسواق الأسهم العالمية والمحلية أحدث تأثيرات سلبية على الثروات. أيضاً يرجح أن تنخفض الاستثمارات الخاصة بحدة نتيجة لتأزم التمويل وهبوط الطلب. إضافة إلى ذلك، فإن الضربة المؤثرة التي تلقاها مستوى الثقة لدى قطاع الأعمال ستؤدي إلى إرجاء تنفيذ عدد من المشاريع أو إلغائها. ورغم ذلك، ففي اعتقادنا أن الإنفاق الاستثماري الحكومي سيؤدي دورا محورياً في استدامة النمو الاقتصادي هذا العام؛ ويستند ذلك على خطط سياسات مالية قوية تركز على الإنفاق الرأسمالي، وحقن غير مباشر للسيولة لتعزيز وتيرة نمو الاستثمارات من جانب المؤسسات الائتمانية المتخصصة، إضافة إلى خطوات إضافية يتخذها صندوق الاستثمارات العامة لتوفير التمويل لمشاريع البنية التحتية والصناعية الكبرى.
وستركز خطط الإنفاق الاستثماري على الطلب المحلي. ولا تزال المشاريع تواجه التأجيل نتيجة لصعوبة بيئة الإقراض داخل وخارج البلاد. وبما أن الحكومة تؤدي دوراً أكثر توسعاً في الإنفاق الاستثماري، سيظل التركيز قائماً على مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية أو الحيوية للإيفاء بالطلب الاستهلاكي والصناعي، وللمحافظة على نمو الاقتصاد. أما المشاريع الوثيقة الارتباط بالطلب الدوري أو الخارجي فسيترتب عليها أن تتنافس على التمويل، ومن المرجح أن تتم إعادة تقييمها أو أن يتم تجميدها على المدى القصير. ويعود ذلك إلى ارتفاع مخاطر الاستثمار نتيجة لتراكم الطاقات الإنتاجية الفائضة، وتراجع الطلب العالمي، ووانخفاض أسعار النفط والطاقة.
وقد شهد قطاع الإنشاء القدر الأكبر من إرجاء المشاريع سواء من حيث العدد أو من حيث القيمة. ورغم ذلك، لا يزال الحجم الكلي للأعمال في هذا القطاع كبيراً، حيث ينشئ القطاع 146 مشروعاً تمت ترسية عطاءاتها بقيمة إجمالية تبلغ 48 مليار دولار. أيضاً ينفذ مشاريع بنية تحتية أخرى، وإن كانت أصغر حجماً. وفي ضوء تدهور البيئة الخارجية، فقد تمت ترسية عدد محدود من المشاريع في قطاعي الصناعة والبتروكيماويات. وعلى النقيض من ذلك، فإن المشاريع في قطاع النفط والغاز تمضي قدماً وبقوة، فقد تمت ترسية ما قيمته 7.6 مليارات دولار من المشاريع. ويعكس هذا بقدر كبير الالتزام الدائم من جانب الحكومة بتوسيع القدرة التكريرية والإنتاجية على المدى الطويل. وعلى أي حال، سيبقى تركيز خطط الإنفاق الاستثماري على الطلب المحلي. وعلى نحو عام من المنتظر أن تتحسن البيئة الاستثمارية بمجملها بنهاية هذا العام، حيث إن انخفاض أسعار المواد والأجور سيساعد على خفض تكاليف المشاريع، ويتوفر التمويل بقدر أكبر، ويصبح انتعاش الطلب العالمي أمراً مؤكداً.
وقال التقرير إن الضغوط التضخمية في المملكة، التي كانت تعتبر هاجساً أساسياً حتى النصف الأول من عام 2008، قد خفت بقدر كبير صبيحة الأزمة الاقتصادية العالمية. وتشير أحدث البيانات إلى انخفاض التضخم في المملكة إلى 5.2% في شهر يونيو من عام 2009 على أساس سنوي، من مستوى الذروة الذي بلغ 11.1% في شهر يوليو من العام الماضي على أساس سنوي.
وقد خفت الضغوط التضخمية في فئة الغذاء بقدر ملحوظ، متراجعة من 16% في شهر يوليو من عام 2008 على أساس سنوي، إلى 1.7% في شهر يونيو من عام 2009 على أساس سنوي. وجاء انخفاض تضخم الإيجارات متواضعاً نسبياً، حيث تراجع من 19.8% في شهر يوليو من عام 2008 على أساس سنوي، إلى 15% في شهر يونيو من عام 2009 على أساس سنوي. ويعزا ذلك إلى الطلب على المساكن، والذي تتوفر قوته الدافعة في النمو السريع في عدد سكان البلاد وتدفق العاملين الأجانب، يفوق بكثير عرض المساكن. ولكن، ومع المضي قدما في تنفيذ مشاريع تطوير العقار وملاحقة عرض المساكن للطلب عليها، يتوقع استقرار الزيادات في أسعار الإيجارات في المدى المتوسط.
كما يتوقع استقرار معدل التضخم عند 5% في العام الجاري، وأن يرتفع قليلاً إلى 6% في عام 2010.
الحسابان المالي والجاري
إن إيرادات النفط المتضائلة سوف تحول الفائضين الضخمين إلى عجز في عام 2009. ورغم الإنفاق الحكومي العالي، إلا أن النمو القوي في إيرادات النفط درج في السنوات القليلة الماضية على أن يسهم في الفائضين التوأمين. ولكن، مع توقع تراجع أسعار النفط إلى متوسط 54 دولارا للبرميل في عام 2009، وأن يبلغ متوسط الإنتاج 8 ملايين برميل يومياً، ستتراجع الإيرادات النفطية للمملكة بنحو 60 % في عام 2009، لتدخل في فترة تكيف اقتصادي تتسم بالصعوبة. وإزاء تراجع إيرادات النفط، نتوقع أن يدخل الحساب المالي في عجز يبلغ حوالي 4% من الناتج المحلي الإجمالي، وعليه سوف تلجأ الحكومة إلى الاحتياطيات المتراكمة خلال السنوات القليلة الماضية لتمضي قدماً في خططها الإنفاقية لتحفيز الطلب المحلي. أيضاً يتوقع أن يسجل ميزان الحساب الجاري عجزاً، رغم أنه قد يكون أقل حجماً ليبلغ حوالي 3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2009. ورغم ذلك، نقدّر أن يعود الحسابان المالي والجاري لتسجيل فوائض في عام 2010، مع توقع انتعاش الإيرادات النفطية، وأن يبلغ متوسط سعر البرميل 65 دولارا.
ورغم أن النفقات المرصودة بميزانية عام 2009 أعلى مما رصدته ميزانية عام 2008، إلا أنها أقل بنسبة 7% عن ما أنفقته الحكومة فعلياً في عام 2008. ولذا، نتوقع أن يزيد الإنفاق الفعلي بحوالي 10 % ليبلغ 563 مليار ريال في عام 2009. ولكن، مع انخفاض الإيرادات النفطية، فقد تلجأ الحكومة إلى شيء من التقييد للنفقات الجارية لتوفير المجال للنفقات الرأسمالية. ونتوقع زيادة النفقات الجارية بنسبة 1% فقط، في حين نتوقع أن تزيد النفقات الرأسمالية بحوالي 33% عن مستوياتها الفعلية في عام 2008. وخارج الميزانية، أعلنت الحكومة أنها ستزود مؤسسات الائتمان المتخصصة بما يقدر بحوالي 55 مليار ريال. وفي تقديرنا أن هذا يمثل بادرة إيجابية على ضوء شح رأس المال الأجنبي وأوضاع السيولة المتأزمة حالياً.
وبإمكان الحكومة السعودية أن تتحمل إنشاء دين محلي لتتجاوز الأزمة المالية. أيضاً درجت الحكومة على استخدام إيرادات النفط الفائضة لسداد الدين القائم. وقد تراجع الدين الحكومي المحلي بشكل متواصل من ذروته عند 119% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 1999 إلى ما يقدر بحوالي 13.5 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2008. ويعود معظم الدين إلى صندوقي المعاشات (المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ومصلحة المعاشات والتقاعد)، في حين تعود بقيته إلى بنوك تجارية. وإذا أخذنا في الاعتبار الودائع الحكومية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي، فيقُدر بأن صافي الدين العام المحلي قد بلغ حوالي 47 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2008. وهذا يعني أن لدى الحكومة احتياطيات أكثر من كافية لسداد كل مديونيتها المحلية. ومع الانخفاض النسبي للدين العام، فإننا نرى أن بوسع الحكومة السعودية أن تنشئ دين لتمويل خططها الانفاقية خلال السنوات القليلة القادمة. وفي واقع الأمر، فإن الحكومة قد تكون شرعت بالفعل في اللجوء إلى احتياطياتها الأجنبية.
إصدارات الأسهم ستنتعش ثانية مع الخصخصة واستثمارات البنية التحتيةيبدي سوق الأسهم السعودي بعض دلائل مترددة على الانتعاش، ولا تزال هناك مجموعة من العوامل تثبط أداء سوق الأسهم، تتمثل في المخاوف من استطالة أمد الانكماش الاقتصادي العالمي ومن صدمات أخرى للنظام المالي العالمي، إلى جانب عدم التيقن إزاء تحركات أسعار النفط، وتوقعات بانخفاض أرباح الشركات، إضافة إلى مدى الصمود المالي لبيوتات الأعمال العائلية، والتقليص في أوضاع الائتمان المحلي.
بيد أن التزام الحكومة بزيادة الإنفاق العام والتكاتف القوي مع القطاع الخاص سيوفران بعض الإمكانيات للتحسن.
ومن الملاحظ أن موسم الجمود الذي اعترى إصدارات الأسهم الأولية في سوق الأسهم السعودي قد انتهى هذا العام. ومع انهيار هذا السوق في أواخر عام 2008، تلاشى الميل لإصدار أسهم في السوق.
وكاد الهبوط الحاد لتقييم الأسهم والتقلب المحبط في الأسعار أن يدفع بسوق الإصدارات الأولية للأسهم لأن توصد أبوابها في الفترة بين شهري أغسطس وديسمبر. ويتمثل المعوق الرئيسي لسوق الإصدارات الأولية في أن الشركات المصدرة للأسهم ومعاونيهم الماليين ما زالوا متوقفين عند مستويات التقييم الماضية، وليس لديهم رغبة في تغيير توقعاتهم. أيضاً تأثر سلباً الطلب على إصدارات الأسهم الأولية بتأزم أوضاع السيولة المحلية، ومحدودية الحصول على الإقراض الخارجي، فضلا عن الميل لتفادي المخاطر المرتفعة. ومنذ بداية العام الجاري تم طرح عدد ضئيل من إصدارات الأسهم الأولية لم يتجاوز 6 شركات بقيمة إجمالية بلغت 3.4 مليارات ريال، مقارنة مع 26 إصدارا أوليا بقيمة 36.4 مليار ريال من رأس المال الذي تم إصداره لعام 2008. ورغم ذلك، نتوقع ارتفاعاً في حجم وعدد الإصدارات الأولية في السنة القادمة. ويعود ذلك إلى وجود طلب مكبوت قوي لدى المصدرين المحتملين للحصول على رأسمال مساهم عند استقرار الأسواق المالية وتحسن أوضاع الائتمان.
وفي حين يرجح أن يكون المستثمرون في إصدارات الأسهم الأولية انتقائيين، مفضلين الابتعاد عن الشركات التي تعمل في القطاعات المتأثرة بالدورات الاقتصادية، مثل البتروكيماويات أو الأسمنت، إلا أن الشركات التي تتمتع بمقومات أساسية راسخة ولا تبحث عن علاوة إصدار غير معقولة على الأسهم، ستجد أنها قادرة على طرح إصدارات أسهم ناجحة في سوق الأسهم. كما أن الاستثمارات الكبيرة والمخطط لها في مجال البنية التحتية والتوجه نحو التخصيص سيعنيان أن إصدارات الأسهم ستزدهر ثانية في المملكة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.