قال اقتصاديون ل»الجزيرة» إن الاستفادة من الفوائض المالية المتحققة لا يغني عن الاستمرار في خطط تنويع مصادر الدخل واكدوا ان الاقتراض الداخلي لسد العجز سيؤثر على نمو السيولة ونسبة الدوران والثقة الاقتصادية الداخلية. وقال الدكتور عبد الحفيظ محجوب الأكاديمي بجامعة أم القرى أن الأرقام المعلنة أنهت تزايد المخاوف التي كانت تتوقع بانخفاض المصروفات بعد انخفاض أسعار النفط نحو50% بسبب أن إيرادات الدولة لا زالت تعتمد على النفط. منوهاً أن المملكة اتبعت منذ سنوات سياسة مالية واضحة تسير عكس الدورات الاقتصادية، بحيث يستفاد من الفوائض المالية المتحققة من ارتفاع الإيرادات للدولة في بناء احتياطيات مالية مما يعطي عمقا وخطوط دفاع يستفاد منها وقت الحاجة، وهذا لا يغني عن الاستمرار في خطط تنويع مصادر الدخل خط الدفاع الأساسي. واضاف: نجحت في تكوين فوائض في آخر عشر سنوات 2004-2013 بنحو 8.1 تريليون ريال مستفيدة من ارتفاعات أسعار النفط، وبلغت الأصول الاحتياطية لمؤسسة النقد بنهاية أكتوبر 2014 نحو 2784.22 مليار ريال، كما أن لدى المملكة احتياطياً عاماً يفوق 904 مليارات ريال. وقال إن ميزانية 2015 توسعية في ظل ظروف اقتصادية وملاية دولية تتسم بالتحدي، حيث إن المملكة لا تريد المسارعة إلى المغامرة بسياسة مالية تقشفية ردا على انخفاض أسعار النفط ستمس بالمقدرة الشرائية طيفا واسعا من المواطنين من متوسطي الدخل وضعاف الحال. مشدداً أن المملكة لا تريد تقليص الإنفاق العمومي تفادياً لتأثر الاستثمار في مشاريع البنية التحتية الضخمة قيد الإنشاء بالجودة والسرعة والتكلفة المعقولة غير المبالغ فيها التي تستنزف الميزانية وتعطل تنفيذ مشاريع أخرى، بما يقلل من فرص توفير المزيد من فرص الشغل للعاطلين عن العمل السعوديين وخاصة في القطاع الخاص امتدادا لبرامج التنمية التي شهدناها في السنوات الماضية. مضيفاً بأنه بعد أن كانت تتوقع الدولة إيرادات في 2014 بنحو 855 مليار ريال حققت إيرادات 1046مليار ريال بمتوسط سعر نفط للبرميل ب85 دولار، بينما كانت ميزانية 2014 أكبر إنفاق بنحو 1240 مليار ريال بعجز يقدر ب 45 مليار ريال، بينما قدرت إيرادات النفط لعام 2015 بنحو600 مليار ريال بمتوسط سعر البرميل ب 62 دولار للبرميل وإيرادات غير نفطية تقدر ب115 مليار ريال وجميعها توقعات متحفظة. من جهته قال الدكتور سامي النويصر إن الميزانية تأتي في ظروف عالمية مهمة وبالرغم من الانخفاض الحاد والمتقلب لأسعار البترول والذي قارب 60 دولاراً في بعض الأوقات نرى أن المملكة تستثمر وتستمر بقوتها المالية وتعلن عن ميزانية «توسعية» وليست انكماشية وبإيرادات بحوالي التريليون و46 مليار ريال ومصروفات حوالي تريليون و100 مليار مما يعني أن العجز بسيط ومحدود. مشدداً بأن المملكة لم تحاول تنكمش بسياستها التوسعية من مصروفات حتى لا تؤثر على مسار مشاريعها التنموية والاستثمارية والرأسمالية. وذكر النويصر ان الدولة لو أرادت أن تلجا للاقتراض الداخلي لتغطية عجز الميزانية فإنني لا أرى ذلك بالوضع الصحي وخاصة عندما نجد نقص في السيولة «الدوران» على مستوى الأفراد و التجار وليس على مستوى المشاريع الرأسمالية المعنية لبعض التجار وخاصة في قطاع المقاولات، فكيف لو سحبت السيولة من السوق المحلي لتغطية العجز فستزاحم أو تضايق القطاع الخاص بما يؤدي إلى ارتفاع بالأسعار وزيادة تعثر مشاريع ونظرة سلبية تؤثر بالاقتصاد برمته. لذا نرى في حالة الاحتياج والعجز أن تلجا المملكة إذا كانت الاتفاقيات المالية تسمح لها أن تسحب من احتياطيها 2.7 تريليون قبل أن تلجأ للاقتراض الداخلي حتى لا تؤثر على نمو السيولة ونسبة الدوران والثقة الاقتصادية الداخلية والتي هي هذه الأيام تكاد تكون ضعيفة. مشدداً أن أكثر من 73% من الاستثمارات السعودية للدولة هي في السندات الأمريكية لوجود عنصر الأمان ولكن هذه الاستثمارات فاقدة العائد المجزي حيث أن عائد السندات لمدة سنة بالصفر % و ثلاث سنوات 0.5% و أكثر لا يصل إلى 2.0% مما يعني أن العائد سالب. بينما لو أردنا زيادة الإنفاق في البنية التحتية فان العائد الحكومي من فائدة الإسراع بتطوير البنية التحتية للملكة هو أكثر بكثير من هذه الأرقام وهناك أمثلة حية من عديد من الدول لجأت لهذا الأسلوب من استخدام احتياطاتها لزيادة الصرف على البنية التحتية ولم تؤثر على زيادة الأسعار كما يردده البعض بل عكس ما ينادي به صندوق النقد لأمور سياسية أكثر من انها اقتصادية والنظريات الاقتصادية القديمة التي تحد من زيادة الإنفاق الحكومي على البنية التحتية ومن هذه الدول البرازيل واليابان وغيرها. من جهته قال الاقتصادي الدكتور عبد الله بن احمد المغلوث ان الارقام التي سجلتها موازنة 2015م تعزز مواصلة التنمية المستدامة وتدفع الاستراتيجيات لرفع سقف التطلعات التنموية وتوسيع نطاق التنافسية بما يحقق النتائج الايجابية المرجوة في مختلف قطاعات الدولة عبر احتواء الكثير من المشروعات التنموية في. واضاف: الاقتصاد المحلي يحقق نقلات نوعية في مسيرتنا التنموية حيث ان حجم الارقام التي رصدتها الميزانيات السابقة مع هذا العام تمثل ارضية مثمرة للارتقاء نحو افاق جديدة من المشروعات وفرص للعمل وتطور للبنية التحتية وقدرة الدولة على قراءت المتغيرات حيث ان ارقام الميزانية تخفض ازمة الإسكان 30% وتقلل فجوة قلة المساكن. وقال المغلوث ان ما اعلن في الميزانية دليل على نهضة اقتصادية كبرى تعكس اهتمام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الامين بمسيرة التنمية الوطنية من خلال مشاريع تنموية ستنعكس على رفاهية المواطن حيث ان الميزانية تواكب تتطلعات المواطنين وتركز على الاحتياجات الاساسية ومن هنا ياتي حرص القيادة الرشيدة على تحقيق تطلعات ابناء الوطن. واضاف: حملت الميزانية ارقام قياسية في حقول التنمية المتعلقة بالخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية وكافة القطاعات الاخرى. ورأى ان رصد 38 مليار ريال لوزارة البلديات والشؤون القروية يؤكد مدى اهتمام الحكومة بالخدمات البيئية والنظافة ومشاريع تحسين الطرق بالاظافة لمشاريع المياه والصرف ناهيك عن خدمات التجميلية لتلك المدن من حدائق ومراكز ترفيهية، مشيرا الى ان الميزانية تهدف إلى تنويع مصادر الدخل والموازنة الجديدة ومن اهدافها تقليل البطالة وتحسين المعيشة.