خسارة الهلال للبطولة الآسيوية التي كانت في المتناول وبين الأيادي وما تبعها من نتائج مخيبة لآمال الهلاليين في الدوري بعد أن فشل بديل سامي الجابر في المحافظة على صورة الفريق القوي الذي استلمه في أعقاب ليلة عبثت فيها الرغبات الخاصة بالفريق وبرعاية إدارة النادي تلك الليلة التي شهدت التكتل الشرفي المحدود الذي انقلب على مبدأ (الهلال أولاً) مغلبًا أهواء شخصية على مصلحة الكيان فأغرق السفينة الزرقاء بالمشكلات والانقسامات والنكبات حتى بات الهلال اليوم مهددًا بانتكاسة تاريخية لن ينقذه منها إلا العمل بهدوء والسيطرة على كثير من ردود الفعل الإعلامية والجماهيرية الغاضبة التي استرجعت مع تراجع المستوى والنتائج ذكرى تلك الليلة! لكن الحديث عن الأزمة الهلالية لن يكون ذا جدوى ما دام أنه مفتوح ومشتت على طريقتنا عندما يخفق المنتخب، حيث نبدأ في نقد كل ما يخطر لنا على بال.. نطالب بتغيير شامل ونتحدث عن فساد وننتقد غياب الأكاديميات وضعف البنية التحتية وعن تواضع مستوى الفرق السنية وعن الاحتراف وثقافة اللاعب وعن رياضة المدارس وعن كل شيء ومثل هذا الحديث المفتوح وغير المركز يميع القضية الرئيسة وتنتهي الزوبعة لتعود حليمة إلى عادتها القديمة وهو نفس ما يحدث في الهلال الآن حيث الحديث عن الفراغ الإداري وغياب النائب وضعف الأعضاء وأصدقاء الرئيس ومستشاريه وسفرياته ومسألة فك الاشتباك في إدارة شؤون الفرق السنية وغيرها كثير وهي وإن كانت جديرة بالنقاش إلا أن التوقيت غير مناسب فالفريق يحتاج إلى معالجة سريعة ومباشرة! ولأن الهلال مقبل على مباراة صعبة مع الاتحاد ربما تشهد خروجه من كأس سمو ولي العهد مما سيزيد (الطين بلة) فلا بد من ترتيب الأولويات عند معالجة الوضع الحالي للفريق وعدم الخلط في الحديث بين إدارة النادي وإدارة الفريق وأن تتم مناقشة أوضاع الفريق فنيًا بمعزل عن الغضب الإعلامي والجماهيري من تصرفات الإدارة في شؤون النادي الأخرى فالمطالبة اليوم بالاستقالة ستفكك الفريق أكثر ولن تصلح من حال النادي، ثم إن معالجة أوضاع الفريق أسهل وأسرع من معالجة أوضاع النادي التي يمكن تأجيل الحديث حولها خاصة أنه لم يظهر في الأفق الهلالي ذلك الرجل الذي يقدم نفسه بشخصية الرئيس الجاهز والمؤهل لأن يكون البديل القادر على إصلاح الأوضاع التي أدت إلى المطالبة برحيل الإدارة الحالية! إن أخطر ما يواجه الهلال حاليا هو الانهزامية من الداخل وما ترتب عليها من هبوط في الروح المعنوية بين لاعبي الفريق وعشاقه وعدم مبالاة إدارته وأعضاء شرفه بما يحدث فالفريق عندما يدخل أجواء الغيبوبة الفنية وتصبح الخسارة عادة تغيب كل جوانب القوة فيه وتختفي كل مواطن الإبداع بين لاعبيه ويزيد التوتر والانفعال في مبارياته فيختل توازنه وتصعب معها العودة ولهذا على الهلاليين المخلصين السعي للمحافظة على الفريق ومساعدته على تجاوز أزمته! زميلي المبدع إبراهيم بكري حلل الوضع الهلالي برؤية علمية تطبيقًا لما تعلمه في بلد الابتعاث بمجال تخصصه في الإدارة الرياضية وهي رؤية مبنية على معايير يقول: إنها لا تعتمد فقط على تحقيق بطولة وقام بقياس أداء الإدارة الهلالية وفقًا لتلك المعايير ومنحها درجة النجاح بغض النظر عن واقع الفريق ونتائجه ومع التقدير لهذه الرؤية العلمية التي بدت جميلة شكلاً إلا أنها موضوع انتهت في الهلال على طريقة (نجحت العملية لكن المريض مات)! فالمعايير العلمية التي تحدث عنها زميلي كانت تحتاج إلى آلية دقيقة في التنفيذ، كما أنها كانت تحتاج إلى انضباط فني أكثر ومتابعة إدارية أكبر حتى تكون نتائجها مقبولة شكلاً وموضوعًا وللمعلومية فالفريق الهلالي عبر تاريخه لا يعتمد كثيرًا على القياس العلمي والتخطيط في إدارة شؤونه، بل يتسلح بخريجي مدرسته الكروية الذين هم أمهر نجوم الكرة السعودية ويسير واثق الخطوة إما تحت مظلة رئيس حاضر بقوة أو بقيادة مدرب يفرض شخصيته داخل محيط الفريق ولذلك عندما يخفق الهلال في بعض مواسمه ومنها موسمنا الحالي تجد أنه كان ضحية لعجز إداري وفني مشترك بين الرئيس والمدرب! الهلال في أوضاعه الإدارية والفنية الحالية لم يعد بطلاً لأنه بات فريقًا لا يؤدي ولا يسجل وبالتالي هو لا يفوز وطبيعي أن تتوقف إنجازاته وصار محكومًا بمزاج لاعب أكثر من تكتيك مدرب وهيبة فريق (القارة) صارت تهددها نتائج ومستويات فريق (الحارة)! حتى قيادة الفريق وشارة الكابتن صارت تتنقل في الهلال بطريقة مضحكة بين أكثر من أربعة لاعبين في المباراة الواحدة وصار يحملها (اللي يستاهل واللي ما يستاهل) وكابتن الهلال لم يعد يفكر بالمباراة ولا في قيادة الفريق، بل هو مشغول بما هو أهم وهو البحث عن اللاعب الذي يجب أن يحمل الشارة من بعده ويدخل في حساب الأعمار والأقدمية وتنتهي المباراة وموسم آخر للنسيان يتكرر صداه بين الهلاليين في سنة رابعة توشك أن تمر على الهلاليين من دون دوري! والسؤال المطروح.. ما الذي يحتاجه الهلال اليوم وغدًا؟! الهلال يحتاج اليوم إلى جماهيره الوفية لتقف معه، فالمقاطعة هي معاقبة للفريق وليس لإدارته والهلال يحتاج لأن يتحمل الرئيس مسؤولياته في المحافظة على مكانة وهيبة الفريق العريق إلى أن يسلم الراية لمن بعده والهلال بحاجة إلى أن تختفي عن مسرحه تلك الوجوه التي تتحدث عنه بطريقة تبعده أكثر عن عشاقه وعن مساره والهلال يحتاج لمدير كرة يسد الثغرة الناتجة عن العجز المشترك في عمل الرئيس وفي شخصية المدرب لمزيد من الانضباط ووضع حد للتسيب الذي تكشفه طريقة أداء بعض اللاعبين كما يحتاج الهلال إلى رؤية فنية تحدد احتياجاته وتحسم اختياراته من اللاعبين المحليين والأجانب! أما غدًا فالهلال يحتاج فيه إلى رئيس يقوده بشعار (الهلال أولاً) رئيس لا يبصم على قرار لتكتلات شرفية محدودة يضعه وفريقه في مهب الريح رئيس تكون ثقته بالهلاليين أكبر واختياراته منهم أكثر فابحثوا من الآن عن رئيس لهلال الموسم القادم يرتب أوراق فريقكم من جديد ليعود كما عهدتموه!