ليس كل حالات الطلاق التي تحدث عندنا في هذا البلد هي نتيجة وقوع الشباب في المخدرات، لكن نسبة كبيرة من هذه الحالات المؤلمة هي فعلاً بسبب تعاطي وإدمان المخدرات. أشرت في مقال سابق، في هذا العمود، إلى الإحصائيات المخيفة عن نسب الطلاق، وأشرت إلى أن الكثير منها يقع في الأشهر القليلة الأولى من الزواج وربما خلال فترة لا تتجاوز العام أو العامين أحياناً، وهذا مرعب بما يحمله من نتائج وخيمة ليس على طرفي العلاقة الزوجية المنهارة فقط وإنما على المجتمع بأسره. شابات في عمر الورود تتحطم أحلامهن بعد الزواج مباشرة عندما يكتشفن أن الزوج مدمن مخدرات. وعندما يحدث ذلك يكون قد وقع الفأس في الرأس وتكون الخيارات المتاحة أمام الزوجة الشابة محدودة للغاية، وقد تجد أن أفضل الخيارات التي هي في الواقع كلها سيئة هي العودة إلى بيت أهلها وطلب الطلاق، والفكاك من علاقة بائسة مع حطام إنسان يرى نفسه أنه هو ولي أمرها، بينما هو لا يستطيع أن يدير أبسط شؤون نفسه، فضلاً عن أن يكون مسؤولاً عن زوجة وأطفال. مرة أخرى لابد من التأكيد على أنه ليس كل حالات الطلاق هي بسبب إدمان المخدرات من قبل الزوج، وكذلك لابد من التأكيد على أن الأزواج ليسوا دائماً هم السبب في وقوع جميع حالات الطلاق؛ لكن ما يؤكده العديد من المستشارين الاجتماعيين والنفسيين المتخصصين في علاج المشكلات الزوجية، هو أن الكثير من الحالات التي يتعاملون معها والتي تنتهي بالطلاق هي، فعلاً، بسبب إدمان الأزواج الشباب للمخدرات. إن أسرة الشاب المدمن تتحمل وزر الفشل المبكر لحالات الزواج التي تنتهي بالطلاق، لأنها تحجب معلومة خطيرة عن عائلة الفتاة عندما تتقدم لطلب يدها. بعض الأسر ترى أن الزواج قد يكون هو العلاج لمشاكل أبنائهم مع إدمان المخدرات، لكن هذا غش للفتاة وأهلها، وكان من الواجب مصارحتهم بكل المشاكل التي يعاني منها الشاب المتقدم للزواج، إذا كانوا يريدون من زوجة المستقبل أن تكون عوناً لهم في مساعدة ابنهم للتخلص من مشاكله أو عدم الدخول منذ البداية في مشروع زواج سينتهي حتماً بالطلاق، إذا كانت الفتاة لا تستطيع أن تقوم بالدور المتوقع منها في استصلاح إنسان مدمن للمخدرات، أو متورط في ممارسات وعادات غير أخلاقية. في كل الأحول، نحن أمام مشكلة معقدة ومتفاقمة هي تعاطي المخدرات. وما لم يضاعف المجتمع والحكومة الجهود لمكافحتها سوف تنسف، لا سمح الله، كيان هذا المجتمع. صحيح أن ثمة جهوداً تبذل للتعامل مع المشكلة لكنها بكل أسف قاصرة ومحدودة!