استبعد المختصون في الشؤون المالية والنفطية أن ينعكس التراجع الحالي في أسعار البترول على الموازنة العامة للدولة للعام الحالي 2014م، أو الموازنة العامة للدولة للعام المالي المقبل(1436 1437) الموافق 2015م. وقالوا ل «عكاظ» «إن المملكة تتحفظ كثيرا في تحديد سعر النفط عند إعداد الموازنة، حيث تضع في الاعتبار التقلبات التي يمكن أن تشهدها السوق النفطية العالمية». وأشاروا إلى أن ميزانية العام الحالي 2014م، وضعت عندما كانت الأسعار تتجاوز 90 دولارا للبرميل، وأن المملكة تحدد سعرا يتراوح بين70 إلى 75 دولارا لبرميل النفط في تقديرات الموازنة، وبالتالي فإن الانخفاض الحالي لأسعار النفط لن ينعكس بصورة كبيرة، مؤكدين أن السياسة المالية التي تنتهجها المملكة هي سياسة حكيمة في عملية تقدير أسعار النفط والتحوط لما قد يحدث في الأسواق، مشيرين إلى الفائض المالي الكبير الذي تسجله الميزانية على مدى السنوات الماضية. تحرك أوبك بداية استبعد الخبير النفطي سداد الحسيني استمرار هبوط أسعار النفط لمستويات دون 70 دولارا للبرميل، مشيرا إلى أن أوبك ستتحرك بصورة جماعية لكبح جماح نزيف الأسعار في حال انخفضت لمستويات كبيرة، مؤكدا أن الدول المنتجة للنفط في أوبك تسعى من وراء ترك آلية العرض والطلب لتحديد المستويات السعرية، وهو ما يؤدي في النهاية إلى خفض الإنتاج من الدول المنافسة سواء النفط الصخري الأمريكي أو الكندي أو المكسيكي، مشيرا إلى أن بعض المناطق يصعب عليها الاستمرار في إنتاج البترول الصخري في حال انخفضت الأسعار إلى مستويات تتراوح بين 60 دولارا أو 90 دولارا في بعض المناطق الأمريكية، متوقعا تراجع إنتاج البترول الصخري في غضون الأشهر المقبلة، خصوصا أن الانخفاض الحالي يحول دون القدرة على عمليات الحفر و الإنتاج هناك، نظرا لارتفاع التكلفة على الجهات المنتجة، مشيرا إلى أن حجم الإنتاج الأمريكي من البترول الصخري يصل حاليا 3.5 مليون برميل يوميا، فيما سيتراجع إلى مستويات 3 ملايين في حال وصلت الأسعار إلى مستويات 70 75 دولارا للبرميل للنفط الأمريكي . وذكر أن التقارير الاقتصادية تشير إلى انخفاض منصات الحفر في المياه المغمورة في البرازيل وغرب أفريقيا خلال 12 شهرا الماضية بنسبة 50 في المئة بالقياس لحجم عمليات الحفر في المناطق نفسها خلال عام 2013، ما يعني أن الإنتاج المنافس من خارج أوبك في طريقه للتراجع خلال الأشهر المقبلة. حدود معقولة للأسعار بدوره أشار الدكتور علي العلق أستاذ المالية و الاقتصاد في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن إلى أن أسعار النفط لاتزال في الحدود المعقولة التي تسهم في إيجاد نوع من التوازن في الميزانية، ولاسيما أن المملكة تضع تقديرات الميزانية على أساس أسعار متحفظة كثيرا للنفط، كما أن أسعار النفط طيلة العام الجاري لم تنخفض لمستويات كبيرة، وهو ما يجعل الميزانية خارج المخاوف بحدوث عجز كبير، بالإضافة لذلك فإن المملكة حققت فوائض كبيرة في السنوات الماضية، ما يعطي الدولة هامشا كبيرا للتحرك في عملية استمرار الإنفاق الحكومي على المشاريع التنموية في العام المقبل، مستبعدا في الوقت نفسه استمرار هبوط الأسعار لمستويات دون 70 دولارا للبرميل، فاستمرار الهبوط يهدد الشركات العاملة في إنتاج النفط الصخري على المستوى العالمي، فسعر التكلفة بالنسبة للنفط الصخري ينبغي أن لا يقل عن 80 دولارا لاستمرار عملية الإنتاج، مبديا تخوفه من التوصل إلى تكنولوجيا متقدمة تسهم في خفض أسعار النفط الصخري لمستويات تنافس النفط التقليدي. رسالة تطمين وأكد أن تصريحات وزير المالية التي أدلى بها ل «عكاظ» عقب انتهاء قمة العشرين في بريزبن في أستراليا قبل أسبوع بشأن ميزانية المملكة تمثل رسالة تطمين كبيرة للجميع في المملكة، من استمرار عمليات الإنفاق على المشاريع التنموية الكبيرة التي أطلقتها الدولة منذ سنوات، وبالتالي فإن الحديث الدائر بشأن تداعيات انخفاض أسعار النفط على الميزانية العامة جاء كلام وزير المالية ليقطعه بشكل تام. تجاوز التحديات من جانبه أوضح عضو لجنة الاستثمار و الأوراق المالية في غرفة الرياض الدكتور عبد الله المغلوث أن تصريح وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف بعدم تأثر ميزانية الدولة بتداعيات انخفاض أسعار النفط لمستويات دون 80 دولارا للبرميل الواحد يمثل رسالة تطمين للسوق بقوة الاقتصاد السعودي، مشيرا إلى أن هذه التصريحات تأتي لتبديد المخاوف من انخفاض حجم الإنفاق على المشاريع التنموية الكبرى التي تعتزم الدولة طرحها في الميزانية المقبلة، كما هو الحال بالنسبة للميزانيات السابقة، مؤكدا أن الاقتصاد السعودي من المتانة بحيث يستطيع تجاوز جميع التحديات أو المخاطر التي تواجهه، حيث واجه على مدى 25 عاما السابقة تحديات كبيرة، جراء انخفاض أسعار النفط لمستويات دون 10 دولارات للبرميل الواحد، بيد أن الدولة استمرت في سياستها الداعمة للمشاريع التنموية سواء التعليمية أو الصحية أو الخدمية، مشيرا إلى أن المملكة تمتلك فائضا ماليا كبيرا قادرا على تجاوز العقبات التي تفرضها معطيات السوق. ترشيد الدعم من جانبه ألمح الدكتور عبدالرحمن الصنيع إلى إمكانية أن يتم ترشيد الدعم المقدم لبعض السلع ولاسيما النفط والمحروقات، بغرض ترشيد استهلاكها بعد أن سجل الاستهلاك المحلي لها مستويات متزايدة بشكل غير مسبوق، قد يؤثر على قدرتنا في تصدير النفط، إذا ما استمر الاستهلاك عند نفس المستويات الحالية. واستشهد على ذلك بسلع مثل: المحروقات، والطاقة الكهربائية، والمياه، التي قد يكون في إعادة النظر في تعرفتها للفئات القادرة ماليا وغير المحتاجة للدعم حلا لتلك المشكلة، مع استمرار الدعم للفئات الاجتماعية الأكثر احتياجا، ولكنه قال: إن هذا المشروع يتطلب وقتا لإعداد آليات تطبيقه وتحديد الفئات المحتاجة للدعم وتلك غير المحتاجة له.