الدولة -حفظها الله- سخرت جهودها في الفترة الأخيرة لخدمة الشباب ولدعمهم وتشجيعهم على الخروج من صفوف البطالة إلى العمل الحر وخلق وظائف لهم ولغيرهم وللمساهمة الفعالة في الاقتصاد بدلاً أن يكونوا عالة عليه. وقد انشأت الحكومة عدة جهات داعمة لتحقيق هذا الهدف. حضرت ورشة عمل أقامتها إحدى الجهات الحكومية لدعم المنشآت الصغيرة والهدف منها تذليل العقبات التي يواجهها الشباب في أعمالهم، وكان الاتفاق بالإجماع بأن وزارة العمل هي أول وأكبر العوائق وغيرها من عوائق هي ثانوية. والحكمة في هذا أن أي مشروع هو مثل الكرسي قائم على أربع أرجل ولا يمكن أن يقوم على ثلاث. و أول هذه الأرجل هي الفكرة، فلا يوجد مشروع بدون فكرة، وأما الرجل الثانية فهي رأس المال، وهذا ليس عائقاً كبيراً فالقروض الصغيرة متوفرة سواء من بنوك أو أصدقاء أو أفراد عائلة أو دخول شريك، الرجل الثالثة هي الغطاء الرسمي وهو السجل التجاري وهذا بفضل الله ثم بفضل وزير التجارة أصبح يصلك في مكتبك. نأتي لأهم هذه الأرجل وهي الرجل الرابعة وبدونها لا يقوم أي مشروع، إلا وهي الموارد البشرية أو العمالة، وهذه مسؤولية وزارة العمل، وقد أصبح حصول أصحاب المشروعات الصغيرة على عمالة تسد حاجتهم وحاجة مشروعهم مستحيلة حتى مع استيفاء متطلبات وزارة ألعمل. سيأتي من يقول وبكل بساطة، «ايش المشكلة سَعود يا آخي، يجب أن توظف هذه المشروعات سعوديين ولا داعي للاستقدام». وهذا الرد يدل على جهل كبير في سوق العمل لأنه من المستحيل أن يقوم المشروع الصغير بالسعودة وذلك لأسباب أهمها: أن المشروع الصغير ليس هدفاً للسعودي لأن يعمل به لعدم قدرة المشروع على توفير أمان وظيفي، ولأن وظائف المشروع الصغير لا تجد سعودياً يشغلها مثل مبلط، سائق، وفني تكيف، ميكانيكي، خباز عامل مصنع إلخ.. ولأن هناك فرصاً وظيفية أفضل لدى الجهات الحكومية والشركات الكبيرة. نحن لا نتحدث عن مئات آلاف من المشروعات التي صنفتها وزارة العمل على أنها مشروعات صغيرة وأكثرها تستر، فالتستر يجب أن يوضع نظام صارم للقضاء عليه، ولكن نتحدث عن دعم المشروعات القليلة التي نرى الشباب والشابات السعوديين أسسوها ويديرونها والتي اعتبرتها وزارة العمل تستراً لعدم قدرتها على القضاء على التستر. إذا استمرت وزارة العمل على هذا الحال فإن الاقتصاد لن يستطيع ان يُنتج رجال أعمال كبار وشركات عملاقة مثل الراجحي وعبداللطيف جميل وغيرهما والذين كانت بداياتهم مشروعات صغيرة لا توظف سعوديين واليوم أصبحت شركات عملاقة توظف أكثر من مليون سعودي إضافة إلى مساهمتها الفعالة في الاقتصاد.