استقال رئيس مجلس إدارة «تيسكو» بطريقة مشينة وتراجعت القيمة السوقيّة للشركة بأكثر من النصف إلى أدنى حدّ لها منذ 11 عاماً، بعد أن أقرّت بأنّها بالغت في تقدير أرباحها بمئات ملايين الدولارات. وفي الاعتراف الصادر عن وارن بافت الذي شعر بالإهانة، بعد أن تصرّف بطريقة انتهازيّة ورفع حصّته في الشركة إبّان صدور تحذير بشأن الأرباح، أفاد قائلاً لقناة «سي أن بي سي»: «ارتكبت خطأ بشأن «تيسكو». وكان الخطأ الذي ارتكبته جسيماً». لم يتوقّف الأمر عند تقويض ثروة أكبر سلسلة متاجر سوبرماركت في بريطانيا، إذ تدهورت معها سمعة الشركة وتراجعت مستويات تنافسيّتها، وإبداعها، ومصداقيّتها. وحتّى قبل التدقيق الحثيث في حسابات الشركة، سبق لرئيس مجلس إدارة سابق لها أن انتقد السير تيري ليهي، الرئيس التنفيذي السابق، الذي أوصل «تيسكو» إلى مكانة رائدة، لتحصد الإعجاب في أرجاء العالم أجمع، ولكنّه ترك إرثاً من الفوضى العارمة. وقد استقال الخلف المباشر لليهي في تموز (يوليو) الماضي، ومن شأن خلفه القادم من «يونيليفر» أن يولي عدداً ساعات عمل تزيد بكثير عن المتوقّع لوضع الأمور في نصابها. يكثر عدد المحللين والمستثمرين المستاءين الذين يتحدّثون عن تجربة «تيسكو» المشؤومة في أميركا، مع متاجر «فريش أند إيزي» التي أطلقتها إبّان نشوب الأزمة الماليّة العالميّة. وقد تسبّب عجز هذه المتاجر عن التوسّع ببيع أصول تزيد قيمتها عن 3 مليارات دولار. وفي الوقت ذاته، أدّت المنافسة السعريّة المتزايدة من متاجر الحسم أمثال «ألدي» إلى تقويض عرض القيمة الذي قدّمته «تيسكو»، القائم على شعار «كلّ خطوة صغيرة تنفع». وترفض الشركة حتّى الآن أن تفيد إن كانت الإفصاحات المغلوطة بشأن المورّدين تعكس أكثر سوء ممارسة أو سوء تصرّف. كانت «تيسكو» قد التزمت بمبدأ إجراء بحوث عن العملاء، واعتمدت على التحليلات والوفاء أكثر من أيّ متجر تجزئة آخر يعمل بمبدأ خفض التكاليف عبر زيادة الإنتاج، في سبيل التميّز في التسويق والعمليات. وعلى سبيل المثال، عُرفت شبكة متاجر السوبرماركت بنجاحها المبتكر في مجال التسوّق عبر الإنترنت، فكان لمتاجر «تيسكو» حضور رقمي قبل أن تصبح التكنولوجيا الرقميّة رائجة حتّى،، بعد أن أطلقت برنامج الوفاء «كلابكارد» في عهد ليهي، في العام 1995، ليعاود تحديد هويّة الشركة والقطاع على حدّ سواء. حاولت متاجر السوبرماركت الأميركيّة – ولا سيّما «كروغر» – الامتثال بنجاح «تيسكو»، حتّى أنّ دراسات الحالات المعنيّة بحزم البيانات الضخمة والتحليلات في متاجر التجزئة، كانت تحيل جميعها إلى «تيسكو»، خلال العقد الماضي، كصاحبة «أفضل ممارسة». بيد أنّ تدهور أحوال «تيسكو» هو تحذير واضح، من أنّ برامج الوفاء والقدرات التحليليّة العالية التمويل والغنية بالبيانات، حتى هي، ستعجز عن التمسّك بميزتها التنافسيّة بمجرّد خفض الأسعار وتوفير تجربة تسوّق أكثر بساطة. أو ربّما افتقرت «تيسكو» بكلّ بساطة إلى حلول مبتكرة لتصميم عروض ترويجيّة، وحملات، وعروض تسمح لها بالاحتفاظ بحصّة، ناهيك عن زيادة حجمها؟ هل الهزيمة المشينة التي تكبّدتها «تيسكو» رواية تقليديّة عن تسلسل فوضويّ للأحداث، وتعب مؤسسي يرافق زيادة الصعوبات؟ أم أنّها إشارة من السوق إلى أنّ حزم البيانات الضخمة والتحليلات التنبّؤية والمعلومات عن العملاء ليست سلاحاً تنافسياً قابلاً للاستدامة كما كان يُفتَرض أن تكون؟ لعلّ زمرة الشماتة ستعتمد الاحتمال الأول، في حين أنّ المستفيدين من البياناتسيفكّرون في الاحتمال الثاني. أم أنّ ما حصل هو مسألة احتمالات؟